جاء إعلان الأردن عدم توقيعه اتفاق “الكهرباء مقابل الماء” مع الاحتلال الإسرائيلي، كأول خطوة يتخذها منذ إعلانه إعادة النظر في جميع الاتفاقيات مع إسرائيل، في ظل تصاعد التوتر في العلاقة بينهما، وسط استمرار العدوان على قطاع غزة، والحديث عن مشروع ترحيل الفلسطينيين إلى سيناء المصرية والمملكة الأردنية.
اتخذ الأردن العديد من المواقف تجاه الاحتلال الإسرائيلي بسبب ذلك، من بينها استدعاء سفيره لدى تل أبيب “فوراً” في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، رافضاً عودة السفير الإسرائيلي إلى المملكة، وكذلك الإعلان عن بدء اللجنة القانونية في البرلمان مراجعة جميع الاتفاقيات مع الجانب الإسرائيلي، وعمل إنزال جوي في غزة للمساعدات إلى المستشفى الميداني الأردني، وآخرها ما أعلنه وزير الخارجية أيمن الصفدي بأن بلاده لن توقع اتفاق الكهرباء مقابل الماء مع “إسرائيل”.
الخطوة الأخيرة التي أعلنت عنها الخارجية الأردنية، أثارت تساؤلات عدة حول إن كانت تعني الإلغاء التام لاتفاق “الكهرباء مقابل الماء”، أم أنها مجرد تجميد له، وعن جدوى هذه الخطوة، وبشأن خلفيات هذا الاتفاق، وإن كان يترتب عدم التوقيع عليه تبعات اقتصادية على المملكة، ولماذا كان الأردن يتجه نحو توقيع مثل هذه الاتفاقية التي تدوم 35 عاماً!
إعلان الأردن هذه الخطوة جاء قبل توقيع اتفاق الكهرباء مقابل الماء بأقل من أسبوعين فقط، إذ كان من المقرر توقيعه مع نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2023، بعد تأجيل ذلك شهراً، بعد سنوات من الإعلان عن الصفقة التي باتت معروفة باسم “الكهرباء مقابل الماء”.
ينص اتفاق الكهرباء مقابل الماء الذي تم برعاية أمريكية في معرض إكسبو بمدينة دبي عام 2021، على أن يصدّر الأردن حوالي 600 ميغاوات من الكهرباء المولدّة من الطاقة لإسرائيل، مقابل حصولها على المياه المحلاة.
تجميد أم إلغاء اتفاق الكهرباء مقابل الماء؟
كشفت مصادر رسمية أردنية متطابقة، لـ”عربي بوست”، أن ما أعلنه وزير الخارجية الصفدي هو تجميد مبدئي لاتفاق الكهرباء مقابل الماء وليس إلغاءً له، موضحة أنه لم يتم التحديد بعد إن كانت هذه الخطوة ستذهب نحو الإلغاء أم لا.
وأكدت المصادر أنه “سيتم دراسة ذلك من الحكومة لاحقاً”، مشيرة إلى أنه “لم يكن من المناسب توقيع اتفاق الكهرباء مقابل الماء في الوقت الذي يعاني فيه الفلسطينيون من القتل والتعطيش والتجويع في غزة”.
لكنها أوضحت أن “من صلاحيات اللجنة القانونية في البرلمان أن تبحث مستقبل هذا الأمر، وتقديم توصية بشأنه إلى الحكومة”.
البرلمانية الأردنية والعضو في اللجنة القانونية دينا عوني البشير، أكدت لـ”عربي بوست”، أنه “تجري الآن مراجعة عدد من الاتفاقيات الموقّعة مع إسرائيل، وذلك بطلب من وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، حيث وجّه بأهمية ذلك، ومنها اتفاقية السلام واتفاق الكهرباء مقابل الماء وتبادل الطاقة”.
وأكدت أنه “تجري الآن دراسة العديد من الاتفاقيات التي جرى توقيعها مع الكيان الصهيوني والوقوف على ما يمكن إلغاؤه أو تعديله، مع دراسة الآثار والتبعات الاقتصادية والسياسية والقانونية التي تنجم عن إعادة النظر في تلك الاتفاقيات”.
وكشفت البشير أن الخارجية الأردنية تدرس مدى إمكانية رفع دعاوى قانونية ضد إسرائيل في المحكمة الجنائية ومحكمة العدل الدولية، للمطالبة بمعاقبة إسرائيل على جرائمها.
لا تبعات قانونية
لا تترتب على الأردن أية تبعات قانونية من إلغاء التوقيع على الاتفاقية مع الاحتلال الإسرائيلي، إذ إنها “تنطوي فقط على تعبير الأطراف عن النية للتوصل إلى اتفاق، ولا تنشئ أو تؤثر على أية حقوق أو التزامات ضمن القانون الدولي”، وفق الوكالة الرسمية الأردنية (بترا).
واتفاق الكهرباء مقابل الماء جرى طرحه على شكل مشروع واحد يتألف من محورين، هما برنامج “الازدهار الأخضر”، ويشمل تطوير محطات طاقة شمسية كهروضوئية في الأردن بقدرة إنتاجية تبلغ 600 ميغاواط بمساعدة الإمارات، على أن يتم تصدير كامل إنتاج الطاقة النظيفة إلى “إسرائيل”.
المحور الثاني هو برنامج “الازدهار الأزرق” الذي يهدف إلى تطوير مشاريع تحلية مياه مستدامة في “إسرائيل” لتزويد الأردن بحوالي 200 مليون متر مكعب من المياه المحلاة سنوياً.
هل الأردن بحاجة الاتفاق فعلاً؟
يعد الأردن من الدول الأربع الأكثر فقراً في المياه عالمياً بحسب الأمم المتحدة، إذ يواجه موجات جفاف شديدة ونقصاً حاداً في المياه العذبة.
ووفقاً لوزارة المياه الأردنية، فإن “العجز المائي يتفاقم عاماً بعد آخر، وسيصل إلى 45 مليون متر مكعب خلال العام المقبل 2024، في قطاع مياه الشرب فقط”.
في المقابل، يحتاج الاحتلال الإسرائيلي إلى الطاقة النظيفة، لكنه لا يملك الأراضي المناسبة لإنشاء مزارع طاقة شمسية بعكس الأردن، ما دفع المسؤول الأمريكي السابق جون كيري إلى التوسط في المحادثات التي وصلت لصيغتها النهائية.
لكن، هل يحتاج الأردن إلى مقايضة الاحتلال للحصول على المياه العذبة؟
نهر الأردن، ونهر اليرموك، ونهر الزرقاء، ومنبعها بحيرة طبرية، وأحواض مياه عدة في المملكة أشهرها الديسي واليرموك، كلها في الأردن.
على الرغم من أن الأردن يعاني من الجفاف والبيئة الصحراوية، إلا أن العديد من الناشطين والمعارضين يحمّلون السلطات مسؤولية ما آلت إليه الأمور من عجز مائي في المملكة، مؤكدين أن الأنهار والأحواض والآبار الجوفية في الأردن تكفي سكانها الذين لا يتجاوز عددهم 11 مليوناً فقط.
الاتهامات هذه سببها الموقف الأردني الرسمي من تجفيف الاحتلال الإسرائيلي منابع نهر الأردن واليرموك اللذين يمران في المملكة، لصالح صبها في روافد على الأراضي المحتلة.
يشرف على بحيرة طبرية منطقة الجليل الأعلى ويحتلها الاحتلال الإسرائيلي، وكذلك هضبة الجولان السورية التي تحتلها كذلك إسرائيل، وسبق أن أعلنتها منطقة تابعة لها، وسط اعتراف أمريكي.
هذه السيطرة الإسرائيلية على بحيرة طبرية جعلت الاحتلال يملك التحكم في المنبع إلى دول المصب الأردن وسوريا ولبنان، وكان ذلك من البنود الرئيسية في اتفاق السلام بين المملكة الأردنية و”إسرائيل” عام 1994 المعروف باسم اتفاقية “وادي عربة”، إلا أنها تثير غضب الأردنيين وسط اتهامات للحكومة بأنها فرطت بالحقوق المائية للأردن، في حين أن الحكومات المتعاقبة تقول إنها حصلت على الحقوق الكاملة ضمن الاتفاقية.
قبل توقيع الاتفاقية، في الستينيات، بدأ الاحتلال الإسرائيلي مشروعه الناقل القُطري، الذي يعد أكبر مشروع للمياه له، ومهمته الرئيسية نقل المياه من بحيرة طبريا إلى المراكز ذات الكثافة السكانية.
رأى الأردن في المشروع خطة إسرائيلية للسيطرة على المياه في منابع نهر الأردن، وواجهه بمشروع أردني باسم “قناة الغور”، أو “قناة الملك عبد الله”، التي أنشئت عام 1963، ما أدى إلى اتفاق الجانبين على بند مائي ضمن اتفاقية السلام “وادي عربة”.
اتفاقية وادي عربة – البند المائي
تنص المادة السادسة من اتفاقية “وادي عربة” على أنه “يتفق الطرفان (الأردن وإسرائيل) على الاعتراف بتخصيصات عادلة لكل منهما، من مياه نهري الأردن واليرموك، ومن المياه الجوفية لوادي عربة، وذلك بموجب المبادئ المقبولة والمتفق عليها، وحسب الكميات والنوعية المتفق عليها”.
وكان الأردن يحصل على نحو 40% من موارده المائية من المياه المشتركة، ومنها المياه المشتركة مع إسرائيل في نهري الأردن واليرموك.
مع بدء التفاوض بين الطرفين عام 1994، تمكّن الاحتلال في المعاهدة وبندها المائي من قوننة شروطه المتعلقة بكميات المياه التي يحصل عليها ونوعيتها، وثبّتت حقوقاً له في مياه أحواض لا تقع ضمن حدود الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولا تساهم في تغذيتها، ما أثار غضباً أردنياً داخلياً.
أما عن الطرف الأردني، تركت الاتفاقية له “فائض التدفق إن وجد”، بحسب المادة الأولى من الملحق الثاني في المعاهدة.
بذلك أصبح للاحتلال الحق في ضخ 25 مليون متر مكعب من المياه على مدار العام، مقسمة على 12 مليون متر مكعب من المياه خلال فترة الصيف، و13 مليون متر مكعب خلال فصل الشتاء، مع حقها في موافقة الأردن على أن تضخ 20 مليون متر مكعب إضافية من المياه خلال فصل الشتاء، فيما يغيب التحديد الكمي عن حصة الأردن.
من جهته، قال المدير العام السابق لسلطة المصادر الطبيعية ماهر حجازين، في تصريح لـ”عربي بوست”: “فيما يتعلق بإعادة النظر باتفاقية السلام (وادي عربة) بين الأردن وإسرائيل، فإن مجلس النواب من شأنه إعادة النظر في تلك الاتفاقية باعتبارها اتفاقية قانونية عرضت على المجلس”.
وأكد أنه “لا بد للحكومة الأردنية أن تمرر على مجلس النواب الاتفاقية للتصديق عليها، سواء في تعديلها (مثل حذف البند المائي) أو إلغائها”.
مياه عادمة ملوّثة
على الرغم من أن الناشطين في شؤون المياه والمعارضين يرفضون اتفاقية وادي عربة، إلا أنهم يشيرون كذلك إلى أن السلطات الأردنية لو أنها مارست ضغوطات على الجانب الإسرائيلي للالتزام من طرفه بإعطاء الأردن حصصه المائية القليلة، وفق اتفاقية وادي عربة، لما احتاج إلى اتفاق الكهرباء مقابل الماء.
وأشار بعضهم إلى أنه في حين أن الأردن ملتزم منذ توقيع الاتفاق بإرسال الحصص المخصصة للاحتلال وفق الاتفاقية، إلا أنه لا يلتزم في المقابل بذلك.
بل إنه في عام 1998 فجّرت حادثة تلوث المياه الواصلة من الاحتلال إلى العاصمة عمّان أزمة شعبية مع حكومة رئيس الوزراء عبد السلام المجالي، التي اضطرت للاستقالة بعدها.
حينها ضخّ الاحتلال مياه صرف صحي إلى الأردن، ما أدى إلى أزمة مائية وبيئية، بل إن الجانب الإسرائيلي كرر ذلك مراراً، ليتخذ الأردن قراراً بإغلاق بوابة نفق على نهر اليرموك للضغط على الجانب الإسرائيلي لضخ مياه صالحة للتكرير.
على الصعيد الرسمي، درج وزراء المياه الأردنيون المتعاقبون على نفي تلوث المياه، أما في حال ثبوت حدوثه، فيرجعون سبب ذلك إلى الأعطال الفنية.
ويكرر عرّاب معاهدة “وادي عربة” عبد السلام المجالي، التأكيد في تصريحاته على أن الأردن حصل على حقوقه المائية كاملة، بل وزيادة.
نهرا الأردن واليرموك وحصّة المملكة
وزارة المياه الأردنية قالت، في وقت سابق، إن المملكة تحصل على 35 مليون متر مكعب سنوياً وفق اتفاقية السلام، إضافة إلى 10 ملايين متر مكعب إضافية خارج المعاهدة تم الاتفاق عليها عام 2010.
يعتمد الأردن في باقي المصادر على تجميع المياه، والمياه الجوفية، حيث تبلغ حصة الفرد من المياه فيه 80 متراً مكعباً مقابل 500 متر مكعب كمعدل عالمي للفرد، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الأردنية “بترا” عام 2021.
وأنشأ الاحتلال 6 سدود على عدد من الأودية التي تصب في وادي الرقاد (أهم رافد لنهر اليرموك)، في حين تصل سعة السدود التخزينية إلى 15 مليون متر مكعب سنوياً، وهو ما تأخذه من حصة الأردن.
أما نهر الأردن، فلا حصة للأردن منه، وإنما حصته من الروافد فقط، التي تجمع ما مقداره 175 مليون متر مكعب سنوياً، التي لا علاقة لها بـ”إسرائيل”.
في حين سبق أن عبر وزير المياه الأردني الأسبق موسى الجمعاني عن اعتقاده في تصريحات سابقة، أن حصة الأردن الأساسية تم التنازل عنها، إذ تحول تدفق ما يقدر بـ750 مليون متر مكعب سنوياً لصالح “إسرائيل”.
يشار إلى أن نهر الأردن يبلغ طوله 360 كيلومتراً، تقع نسبة 97% منه في الأردن وسوريا ولبنان والأراضي المحتلة عام 1967، و3% فقط في أراضي عام 1948.
ميدل إيست: الأردن “يصعّد” خطابه ضد إسرائيل خوفاً من انهيار السلطة.. يخشى انتقال الفوضى لأراضيه
قال موقع Middle East Eye البريطاني في تقرير نشره يوم الخميس 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 إنه سيكون من الصعب التغافل عن الخطاب القوي المتزايد الذي عبر عنه المسؤولون الأردنيون، بينما تواصل إسرائيل قصف غزة، حيث حذر رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة قبل أيام من أن المملكة ستفسر أي محاولات لتهجير الفلسطينيين من غزة أو الضفة الغربية على أنها “إعلان حرب”.
وبعد فترة وجيزة، رفض وزير الخارجية أيمن الصفدي المحاولات الإسرائيلية لتحديد من سيدير غزة بعد الحرب، ووصف حماس بأنها “فكرة لا تموت”. وقال الصفدي: “إذا لم يسير المجتمع الدولي في هذا الاتجاه وبخطة تحقق السلام والدولة الفلسطينية وحقوق شعبها، فسنعود إلى الحرب كل خمس أو ست سنوات”.
الأردن يرفض تهجير أهالي غزة واحتلال إسرائيل للقطاع
في اجتماع مع مسؤولين أردنيين، رفض الملك عبد الله الثاني أي سيناريو من شأنه أن يشهد إعادة احتلال إسرائيل لأجزاء من غزة أو إنشاء مناطق عازلة، مشيراً إلى أن “ذلك من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم الأزمة وهو أمر غير مقبول، ويشكل اعتداءً على الحقوق الفلسطينية”.
تعتقد بعض المصادر أن الغارة الجوية الإسرائيلية بالقرب من مستشفى ميداني أردني في غزة والتي أدت إلى إصابة سبعة من العاملين فيه كانت علامة على أن كلمات الأردن قد سُمِعَت بصوت عالٍ وواضح في تل أبيب.
كذلك وقبل الحرب، كان الموقف الرسمي الأردني دائماً هو أن “حل الدولتين” هو أفضل وسيلة لإنهاء الصراع، وأنه يجب على إسرائيل إنهاء احتلالها، وإقامة دولة فلسطينية على طول حدود عام 1967 والقدس الشرقية عاصمة لها.
مظاهرات في الأردن دعماً لفلسطين
يُوجَّه الخطاب متزايد الحدة من عمان حالياً، جزئياً، إلى حركة الاحتجاج النابضة بالحياة المؤيدة للفلسطينيين في المملكة، في محاولة للحفاظ على السيطرة، خاصة أن المتظاهرين يطالبون بفتح الحدود حتى يتمكن الأردنيون من الانضمام إلى القتال.
في المقابل اعتقلت قوات الأمن الأردنية 25 رجلاً كانوا يخططون لتنظيم اعتصام احتجاجاً على القصف الإسرائيلي المستمر لغزة، وذلك في مسجد بالقرب من الحدود الأردنية مع فلسطين.
منذ بداية الحرب، كانت هناك احتجاجات يومية في عمان تطالب الحكومة بإلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل عام 1994 وكذلك صفقات الغاز رداً على سلوك إسرائيل في غزة.
لكن كلمات الأردن القوية، كما يقول المطلعون والمحللون، هي أيضاً انعكاس للخوف المتزايد من انهيار النظام في الضفة الغربية المجاورة، وهناك خطر من انتشار الفوضى عبر الحدود -أو ما هو أسوأ من ذلك.
وقال نائب رئيس الوزراء السابق، ممدوح العبادي، لموقع Middle East Eye البريطاني، إنه يشعر بالقلق من أن إسرائيل، تحت قيادتها الحالية، قد تخطط لغزو الأردن، وإنهاء معاهدة السلام التي مضى عليها 29 عاماً بين البلدين.
وقال العبادي إنه يعتقد أن المسؤولين في عمّان كانوا معتدلين للغاية في نهجهم حتى الآن ودعا الأردن إلى قطع العلاقات مع إسرائيل وبدء التجنيد الإلزامي. وقال العبادي: “ما يحدث في الأردن هو إعادة تقييم شعبية ورسمية للعلاقات مع الاحتلال، لأن مستقبل الأردن في خطر بسبب النفوذ الصهيوني”.
وأضاف: “على الدولة الأردنية ألا تقطع علاقاتها مع إسرائيل فحسب، بل يجب عليها أيضاً تسليح الشعب وبناء علاقات إستراتيجية مع الدول المناهضة للاحتلال، مثل سوريا وإيران وروسيا والصين، فالغرب يتآمر مع الاحتلال الإسرائيلي لخلق توازن”.
في حين قال صالح العرموطي، رئيس كتلة الإصلاح، وهو حزب إسلامي معارض يشغل 10 مقاعد في مجلس النواب المؤلف من 130 مقعداً، لموقع Middle East Eye، إن رد الفعل القوي من الأردن هو لصالح “الشارع المحلي الغاضب”.
وأضاف أن ذلك يخدم أيضاً الأردن، الذي يتمتع بوصاية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في الضفة الغربية، للحفاظ على أمنه القومي، وقال العرموطي: “خاصة أن المقاومة الفلسطينية أعلنت على لسان خالد مشعل ومسؤولي حماس دعمها للوصاية الهاشمية على المقدسات وضد الاستيطان في الأردن والتهجير”.
مخاوف من تصعيد الصراع في فلسطين
قال محمد أبو رمان، وزير الشباب والثقافة السابق، ومدير معهد الدراسات السياسية والاجتماعية حالياً، إن أحد المخاوف الرئيسية التي توجه استجابة الأردن هو احتمال انتشار الصراع إلى الضفة الغربية وجر المملكة إلى مزيد من تصعيد الصراع.
وقال أبو رمان لموقع Middle East Eye: “تشمل السيناريوهات المحتملة انهيار السلطة الوطنية الفلسطينية وحدوث الفوضى والاضطرابات على نطاق أوسع، مما قد يؤدي إلى انتقال جديد إلى الأردن”.
وبعيداً عن الكلمات القوية، هناك إجراءات ملموسة تتخذها الحكومة الآن، بما في ذلك مراجعة اللجنة القانونية البرلمانية لجميع الاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل.
وستقدم المراجعة، التي دعا إليها رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي، توصيات للحكومة بشأن الإجراءات التي يتعين اتخاذها إذا واصلت إسرائيل هجومها على غزة.
وهذه ليست المرة الأولى التي يراجع فيها الأردن اتفاقياته مع إسرائيل. ففي عام 2017، أجرت اللجنة القانونية نفس المراجعة رداً على اعتراف إدارة ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، ورداً على صفقة القرن. لكن قرارات اللجنة لم تر النور قط.
ووقع الأردن نحو 15 اتفاقية تجارية وسياحية مع إسرائيل منذ توقيع معاهدة السلام عام 1994. وأبرز هذه الاتفاقيات هي اتفاقية استيراد الغاز الموقعة عام 2016، والتي نصت على قيام إسرائيل بتزويد الأردن بما يقارب 45 مليار متر مكعب من الغاز على مدى 15 عاماً مقابل 10 مليارات دولار تدفعها المملكة خلال نفس الفترة.
وقدمت كتلة الإصلاح مشروع قانون يدعو إلى إلغاء معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية.
وبحسب العرموطي، رئيس الكتلة، فإنه في حال موافقة البرلمان على مشروع الاقتراح، فإن الحكومة ستضطر إلى تقديم قانون يقترح إلغاء الاتفاق في الجلسة نفسها أو في الجلسة التالية.