التهمت النيران محطة لمعالجة المياه على مشارف مدينة غزة، حسبما أظهرت صور الأقمار الصناعية التي التُقِطَت يومي الخميس والجمعة 16 و17 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، فيما يُعَد أحدث دليل على الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية للمياه، وسط نقص حاد ومتزايد في المياه النظيفة.
وتُظهِر صور التُقِطَت عبر الأقمار الصناعية ونشرتها صحيفة New York Times الأمريكية عموداً هائلاً من الدخان يتصاعد من النار، ويخيّم على مساحة واسعة من المدينة. فيما اشتعلت النيران لمدة أربع ساعات على الأقل، وتظهر صورة أن المحطة قد دُمِّرَت بالكامل.
الاحتلال يستهدف البنى التحتية بغزة
اندلع الحريق وسط أزمة مياه في غزة، حيث حذّرت الأونروا، وكالة الأمم المتحدة لإغاثة الفلسطينيين، من أن 70% من سكان قطاع غزة يشربون مياهاً ملوثة. ومع تدمير البنية التحتية الحيوية والسماح لعدد قليل نسبياً من الشاحنات التي تحمل الوقود والمياه بالدخول إلى غزة، تفاقمت حالة الطوارئ المائية.
وفي وقت سابق حثَّ خبير من الأمم المتحدة الاحتلال الإسرائيلي على السماح بدخول المياه النظيفة إلى القطاع، إلى جانب الوقود لتشغيل أنظمة معالجة المياه، ودعا إسرائيل إلى “التوقف عن استخدام المياه كسلاح حرب”.
فيما قال الخبير بيدرو أروجو أجودو، المقرر الخاص للمنظمة المعني بحقوق الإنسان ومياه الشرب، لصحيفة New York Times الأمريكية إن حملة القصف الإسرائيلية أصابت الآبار وخزانات المياه وغيرها من البنية التحتية لإمدادات المياه. ومع قلة المياه الجوفية الصالحة للشرب تعتمد غزة بشكل كبير على تحلية المياه والمياه التي يجري توصيلها من الخارج.
وأضاف: “لكن في المقام الأول، بسبب قطع إمدادات الكهرباء والوقود ومحطات تحلية المياه وضخ المياه الجوفية بشكل كامل، انهار عمل شبكة الإمداد نفسها”.
وقال ويم زويننبرغ، الباحث في شؤون الصراع والبيئة في منظمة باكس الهولندية، الذي شارك تفاصيل من تقرير قادم عن تدمير البنية التحتية للمياه، إن باكس “حددت العديد من مرافق المياه التي تضررت أو دُمِّرَت، ما يحرم المدنيين من الوصول إلى مرافق المياه النظيفة”.
وأضاف أن الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية نتيجة استمرار الحرب “تشكل مخاطر صحية وبيئية حادة وطويلة الأمد” على سكان غزة.
الاحتلال يحرم غزة من المياه النظيفة
كانت شركة خاصة، هي شركة عبد السلام ياسين، والتي تسمى أيضاً شركة إيتا للمياه، تعمل في المحطة التي احترقت هذا الأسبوع. وتُظهِر الصور القديمة أن عبارة “محطة المياه” مكتوبة بأحرف كبيرة على سطح المبنى، ويمكن رؤيتها بوضوح من السماء.
ولم يتسنّ الوصول إلى شركة إيتا، على الأرجح بسبب انقطاع الاتصالات المستمر في غزة.
ويسلط موقع الشركة الإلكتروني وصفحتها على الفيسبوك الضوء على عملها مع المنظمات الإنسانية في غزة. وأظهر آخر منشور لإيتا على وسائل التواصل الاجتماعي، في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني، أن الشركة تقوم بتركيب وحدات لتحلية المياه قالت إنها ممولة من اليونيسف في موقع مزدحم بالفلسطينيين في خان يونس بجنوب غزة. وسلّط منشور للشركة، في شهر سبتمبر/أيلول، الضوء على مشروع مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
ولم تردّ وكالات الإغاثة على الفور على الأسئلة، حول ما إذا كان تدمير منشأة إيتا سيكون له تأثير فوري على الوصول إلى المياه النظيفة.
وقد استعرضت صحيفة New York Times صور الأقمار الصناعية التي تُظهِر شاحنات المياه تصطف في المحطة حتى 12 أكتوبر/تشرين الأول، قبل أن يفر معظم السكان من شمال غزة إلى الجنوب بسبب القصف العنيف الذي يشنه الاحتلال الإسرائيلي على القطاع.
وكانت هناك معارك في الشوارع بالقرب من المحطة، ولكن من غير الواضح ما إذا كانت قد حدثت في المنطقة الخميس. ولا يبدو أن صورة القمر الصناعي التي التُقِطَت يوم الجمعة تُظهِر الحفرة الكبيرة التي خلفتها الغارة الجوية الإسرائيلية.
وكانت القوات البرية للاحتلال الإسرائيلي تعمل في مكان قريب. وفي وقت ما خلال الـ24 ساعة التي سبقت الحريق، يبدو أن الإسرائيليين قاموا بتجريف منطقة تبعد 400 قدم عن المصنع، وشوهدت مسارات جديدة للمركبات الثقيلة. وتمركزت دبابات الاحتلال الإسرائيلي والمركبات العسكرية الأخرى على بعد أقل من ميل واحد.