يعاني بعض الآباء سلوك أبنائهم السلبي، فيشتكون من عدم تعاونهم وإزعاجهم للمحيطين بهم، سواء أكانوا أقرانا أو زملاء أو معلمين أو حتى الوالدين أنفسهم.
يكون السلوك السلبي للطفل عاديا في بعض الحالات، إلا أنه قد يشخّص بما يُعرف “اضطراب التحدي المعارض” أو “العناد الشارد” في حالات أخرى. ويتجلى هذا الاضطراب في سلوكيات سلبية للغاية وحادّة وذات طابع يتسم بالتحدي، تماما كما يوحي اسم الاضطراب.
ويشيع اضطراب التحدي المعارض بين الأطفال، ويدفعهم إلى سلوك متحد ومتمرّد، فيرفضون تنفيذ ما يُطلب منهم، ويتصرفون بغضب أو بعنف عندما يضطرون لذلك، كما يرفضون تنفيذ ما يطلب منهم، لاعتقادهم أنها مهام غير معقولة.
أعراض اضطراب التحدي المعارض
تستعرض اختصاصية علاج الصحة النفسية والسلوكية للأطفال والمراهقين الدكتورة نيرمين منيمنة الأعراض الأكثر شيوعا لاضطراب التحدي المعارض عند الأطفال، ومن أهمها:
- نوبات الغضب والانفعال.
- رفض التعليمات وجدال الكبار.
- الانزعاج والضيق تجاه الآخرين.
- المزاج السيئ والرغبة في الانتقام.
- استخدام لغة باردة غير لائقة.
- عدم احترام القواعد.
- دائما في مزاج المواجهة.
علاج اضطراب التحدي المعارض
وحسب الاختصاصية منيمنة، ربما لا يكون من الممكن علاج “اضطراب التحدي المعارض” أو “العناد الشارد” بشكل نهائي، “لكن لا شك أن معرفة الأعراض والتدخل العلاجي المبكر والتخصصي من شأنه أن يقلّل حدّتها وآثارها على حياة الطفل إلى أقل درجة، وغالبا ما تتحسن الحالات الخفيفة والمتوسطة من التحدي المعارض بفضل العلاج، في حين قد تتطور الحالات المهملة أو الحادة إلى اضطراب سلوكي مزمن”.
وتلفت إلى أن التشخيص المبكر لحالة الطفل يساعد في منع حدوث مضاعفات في المستقبل، لذلك “لا بد من العلاج المبكر، وهو العلاج النفسي على المدى الطويل مع التدريب السلوكي للطفل وأفراد الأسرة”.
ويشمل علاج اضطراب التحدي المعارض “تعديل سلوكيات العناد، والتحدي لدى الطفل لتجنب المضاعفات، وكذلك تدريب الوالدين على كيفية تهذيب سلوك الطفل بطريقة إيجابية”.
كيف تتعامل مع طفل التحدي المعارض؟
وتوضح منيمنة -في حديثها للجزيرة نت- أن برامج تدريب الوالدين والعائلة مع معالج مختص في علاج اضطراب التحدي المعارض تسهم في توجيه الوالدين إلى طريقة التصرف الصحيحة في اللحظات الصعبة، وتنصح بما يلي:
- توطيد العلاقة بين الأهل والطفل: وهذا يسهم في تهذيب سلوكياته، فعلى سبيل المثال تساعد مشاركة الوالدين في اللعب مع الطفل، وقضاء أوقات ممتعة معا، والقيام بالأنشطة التفاعلية، في تحسين العلاقة بينهم وتقليل عناد الطفل.
- أسلوب المكافأة أو العقاب: يعتبر من الطرق الفعالة في علاج اضطراب التحدي المعارض، إذ يمنح الطفل مكافأة عند القيام بما طُلب منه، أو يعاقب بعقاب مناسب ثابت عند مخالفته المطلوب منه أو اتباع سلوك سيئ، فمثلا يمنح نجمة عند قيامه بسلوك جيد، وتوضع النجوم على لوحة مخصصة ليراها الطفل.
- الروتين اليومي: وضع جدول روتين يومي يسهم في تقليل احتمالية حدوث المواجهة بين الطفل ووالديه، وحتى الآخرين.
- التفاعل الاجتماعي: يجب تشجيع الطفل على الاختلاط بالآخرين والتعامل معهم كجزء من علاج اضطراب التحدي المعارض، وفي البداية يجب أن يكون تحت إشراف الأهل، لمتابعة تطبيقه للقواعد التي يجب الالتزام بها، ولمساعدته على التفاعل بشكل مناسب.
- الحزم بطريقة محبة: الحزم أسلوب مفيد بشأن ما يجب أن يفعله طفلك، لكن يجب التحدث معه بطريقة محبة ومتفهمة. فعندما تكون قدوة حسنة له في كيفية التعبير عن الرأي أو الاختلاف بطريقة محبة ومحترمة سيتبعك أطفالك.
- الحوار: مناقشة طفلك بهدوء بشأن ما يريده، ثم محاولة التوصل إلى حّل يناسبكم.
- احترام قواعد المنزل: التأكد من أن طفلك يعرف قواعد المنزل، على سبيل المثال، إذا كان التحدث بطريقة غير لائقة يمثل رفضا مطلقا للقواعد، فيجب أن توضح له أنه ستكون هناك عواقب لذلك، لا توجد تنازلات أو فرص ثانية.. مثل عدم وجود تلفزيون لبقية اليوم، أو القيام بعمل روتيني إضافي، حتى لا يتجاهل طفلك طلباتك ويقوض سلطتك.
- أخذ استراحة عند الحاجة: تشير منيمنة إلى أنه لا يمكن التعامل مع الطفل المتحدي والمعاند بسهولة إذا كانت الأم أو الأب على أعلى درجات التوتر والإرهاق النفسي، وهنا يجب أن يأخذ الوالدان استراحة عند الحاجة، وأن يتعاونا ليكون لكل منهما مساحة للراحة والاسترخاء.
اللجوء للمختصين: في حال لم تنجح النصائح السابقة، يمكن استشارة ذوي الاختصاص لمعالجة الطفل من الاضطرابات المصاحبة، مثل الاكتئاب وتقلّب المزاج وأدوية علاج اضطراب تشتت الانتباه وفرط النشاط.
إستراتيجيات إدارة سلوك طفل “التحدي المعارض”
من جانبه، يقدم موقع “آتيتيود ماغ” عدة إستراتيجيات لإدارة سلوكيات الطفل المرتبطة باضطراب التحدي المعارض، ومنها:
- مدح السلوكيات الإيجابية: الابتعاد عن العقاب وتجنب الصراع مع الطفل.
- ممارسة التمارين الرياضية: من المفيد ممارسة التمارين الرياضية لعلاج هذا الاضطراب، فهي تسهم في تحسين الصحة النفسية وعودة الهدوء.
- تجنب إثارة نوبات الغضب: تعرف على حدود طفلك ومقدرته، فربما يسيء التصرف بسبب عدم استيعابه ما تطلبه منه، أو عدم قدرته على فعل هذا الأمر.
- تنفيذ العقاب: سيخترق طفلك القواعد في وقت ما، رغم الجهود الكبيرة المبذولة. لكن، دع طفلك يرَ تبعات أفعاله ما دام لا يشكل هذا خطرا عليه. توخّ الحذر وانتقد سلوك الطفل وليس الطفل نفسه، فبدلا من أن تقول أنت طفل سيئ، جرّب أن تقول لا تركض متجاوزا الشارع. ولا تلجأ أبدا إلى العقاب الذي يؤذي الطفل نفسيا أو بدنيا، فإن ضرر ضرب الطفل وصفعه والصراخ فيه أكبر من نفعه.
- العمل مع معالج نفسي: يسهم تعلم مهارات التحكم في العواطف وإدارتها بطريقة سليمة وتجنب سلوكيات التحدي والصراع.