بعدما يبلغ الأطفال الصغار عمرا معينا، قد يتجاوزون فترات القيلولة النهارية التي طالما التزموا بها عندما كانوا رُضّعا. وبتجاوز القيلولة وفترات الراحة خلال اليوم، قد يبدأ الطفل في التعبير عن إجهاده بأشكال عديدة، على رأسها البكاء والتطلُّب وصعوبة الإرضاء.
لذلك في حل عملي وخيار صحي لكل من الطفل والآباء، توصل خبراء الأمومة ورعاية الأطفال إلى روتين يومي من شأنه تعزيز سلامة الطفل العقلية، وتوفير فرصة للآباء والأمهات لالتقاط الأنفاس، وهو ما يُعرف بنظام “الوقت الهادئ”.
ما هو نظام “الوقت الهادئ” للأطفال؟
الوقت الهادئ، هو فترة من الوقت المستقطع للهدوء غير المنظم للأطفال دون سن الالتحاق بالمدرسة، يحدث عادة في غرفتهم، ويكون فرصة لأجسادهم وعقولهم للراحة والإبطاء.
يتم اعتماد هذا النظام بالتزامن مع تخلي الطفل عن حاجته للحصول على قيلولة النهار المعتادة، أي ما بين عمر عامين ونصف إلى 5 أعوام. وبالتدريج والتدريب، يصبح هذا هو الوقت المقدس الذي يتمكن فيه الأطفال من إعادة شحن طاقتهم والحصول على الراحة التي يحتاجونها للمرور بيومهم دون إجهاد.
كما يمنح هذا الفاصل فرصة لإعادة ضبط حواس الطفل كي لا تكون مفرطة النشاط وتسبب له التوتر والإنهاك، وكذلك يتيح للأهل فرصة للراحة خلال اليوم الطويل في رعاية الأبناء وقضاء المهام اليومية المختلفة.
وبحسب الأبحاث العلمية المتخصصة، يتضح أن هذا القسط من الراحة يكون بمثابة فرصة لدماغ الطفل لفهم ما تعلمه مؤخرا، واستيعاب الأنشطة التي مارسها منذ استيقاظه. وذلك لأننا أثناء شرود ذهننا، نعيد تشغيل المحادثات التي أجريناها في وقت سابق من ذلك اليوم، ونعيد كتابة ذكرياتنا وسلوكياتنا كوسيلة للتعلم في المستقبل.
متى يبدأ تدريب الطفل على الوقت الهادئ؟
هناك بعض العلامات التي قد تشير إلى أنه قد حان الوقت لتقصير قيلولة طفلك أو إلغائها بالكامل. أبرزها إذا بدأ طفلك في مقاومة قيلولته أو الاستيقاظ مبكرًا منها، فقد يكون السبب أنه لم يعد متعبًا بما يكفي ليحتاج إليها بعد الآن.
من ناحية أخرى، قد يواصل الطفل الحصول على القيلولة النهارية المعتادة، ولكنك ستبدئين في ملاحظة الاستيقاظ الباكر من النوم في اليوم التالي، أو قد يستيقظ طفلك في منتصف الليل عدة مرات.
تقول هيذر والاس، استشارية نوم الأطفال الأميركية: “يتمتع الطفل بقدر معين من النوم في خزان النوم الخاص به، إذا حصل على قسط كبير من النوم أثناء النهار، فسيملأ خزانه ولن يكون هناك مساحة كافية للنوم ليلا. لذا يجب إلغاء القيلولة من أجل إعادة التوازن بين النوم أثناء النهار والليل”.
وقد يتخيل بعضنا أن الوقت الهادئ سيكون ساعة يستلقي فيها الطفل في السرير مع مصباح خافت، أو يلعب بكتاب أو دمية محشوة دون أن يبدر منه أي صوت تقريبا، لكن الوقت الهادئ لا يحتاج بالضرورة إلى أن يبدو هكذا.
لكن الحقيقة هي أن يعتمد هذا الفاصل من الراحة على أن يظل الطفل دون تحفيز إضافي أو تفاعل مع الوالدين أو الأطفال الآخرين، ويستمتع باللعب بمفرده في هدوء.
كما لا يحتاج الأطفال في ساعة الوقت الهادئ أن يظل جسمهم ساكنًا ولا يتعين عليهم البقاء هادئين أو صامتين. لكن الوقت المستقطع لهم مع أنفسهم وأنشطتهم وحده يمكن أن يساعد في إنعاشهم وإبقائهم في مزاج جيد بقية اليوم حتى يتمكنوا من الوصول إلى وقت النوم دون الانخراط في كثير من الدراما.
الأنشطة التي تعزز الاسترخاء في “الوقت الهادئ”
- القراءة: ضعي سلة كتب صغيرة لطفلك في الوقت الهادئ ليتدرب على الأمر ويكتسب مهارات فكرية متنوعة. وإذا كان طفلك عرضة لتمزيق الكتب، فالتزمي بالكتب القماشية المتخصصة للأطفال حديثي السن. كذلك تُعد الكتب التفاعلية خيارا ممتعا أيضا.
- التلوين: يعد التلوين أحد أفضل الأنشطة الهادئة للأطفال الصغار ومرحلة ما قبل المدرسة. فهو ممتع ولا يتطلب الكثير من الإعداد أو التنظيف.
- الرسم: حاولي أن تقدمي لطفلك الصغير لوحة رسم لتسهيل عملية التلوين في السرير (أو على الأرض)، مع ألوان قابلة للغسل لكي لا تحدث الحوادث المؤسفة. وتعتبر السبورة البيضاء والأقلام الجافة سهلة المسح خيارا جيدا أيضا.
- اللعب بالمكعبات، الدمى أو السيارات: تُعد هذه من الأنشطة الممتازة في وقت الهدوء لمرحلة ما قبل المدرسة والأطفال الصغار الأكبر سنا. فقط تأكدي من اختيار الألعاب الملائمة لعمره للحصول على تجربة ممتعة وآمنة.
- تركيب الأحجيات: يعد العمل على الألغاز المفككة (Puzzle) نشاطًا هادئًا رائعًا للأطفال الصغار ومرحلة ما قبل المدرسة. ولكن تأكدي من اختيار المستوى المناسب من الصعوبة لطفلك، على أن تكون ليست سهلة لدرجة أن يشعر بالملل على الفور، وليست صعبة لدرجة أن يحتاج إلى المساعدة.
نصائح عامة لوقت هادئ مثالي
الحد من الخيارات: يُنصح بعدم تقديم أكثر من نشاطين أو 3 للطفل خلال هذا الوقت المستقطع للاختيار بينها.
خالية من الشاشات الإلكترونية: يُعد تجنب الشاشات طريقة جيدة لتعزيز الاسترخاء وبناء عادات نوم صحية والحفاظ على قدرات الطفل العقلية.
وقت ممتع: فكري في تخصيص بعض الألعاب “لوقت الهدوء فقط” لمساعدة طفلك الصغير على التحمس لقضاء وقت هادئ بمفرده وعدم اعتياد النشاطات.
دعي طفلك يشعر بالملل: بعد أن تقومي بإعداد بعض الأنشطة الهادئة، لا تشعري أنك بحاجة للتدخل إذا فقد طفلك الاهتمام. الملل أمر صحي، ويمكن أن يجعل النوم يبدو أكثر جاذبية أيضا في نهاية يوم طويل.