أثار تصاعد الهجمات على القوات الأمريكية المنتشرة غضب البعض داخل وزارة الدفاع (البنتاغون)، حيث اعترف المسؤولون، المحبطون مما يعتبرونه استراتيجية غير متماسكة لمواجهة وكلاء إيران الذين يُعتقَد أنهم المسؤولون عن الهجمات، بأنَّ الضربات الجوية الانتقامية المحدودة التي وافق عليها الرئيس جو بايدن فشلت في وقف العنف.
ونقلت صحيفة The Washington Post الأمريكية، عن أحد مسؤولي الدفاع، الأحد 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2023: “لا يوجد تعريف واضح لما نحاول ردعه. هل نحاول ردع الهجمات الإيرانية المستقبلية المماثلة؟ من الواضح أنَّ ما نفعله لا ينجح”.
الصحيفة أوضحت أن الغضب المشتعل في الشرق الأوسط بشأن الدعم الأمريكي للحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، حيث قُتِل آلاف المدنيين الفلسطينيين في الأسابيع الستة الماضية، أدى إلى زيادة القلق بين بايدن ونوابه من أنَّ أي رد فعل مبالغ فيه ضد الهجمات على الأفراد الأمريكيين قد يؤدي إلى إثارة صراع أوسع.
وبالتزامن مع الغارات الجوية، حث مسؤولو الإدارة طهران مراراً وتكراراً خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي على كبح جماح الميليشيات التي تدعمها، محذرين من أنَّ الولايات المتحدة لديها “الحق” في الرد “في الوقت والمكان اللذين نختارهما”. لكن تلك التحذيرات لم تلقَ آذاناً مصغية.
ومنذ 17 أكتوبر/تشرين الأول، واجهت القوات الأمريكية في العراق وسوريا هجمات شبه يومية من إطلاق الصواريخ وطائرات بدون طيار أحادية الاتجاه، وسجلت ما لا يقل عن 61 حادثاً ونحو نفس العدد من الإصابات في تلك الفترة.
استهداف 10 قواعد
وتظهر بيانات البنتاغون التي حصلت عليها واشنطن بوست أنَّ الهجمات استهدفت 10 قواعد يستخدمها أفراد أمريكيون منتشرين في كلا البلدين.
ورداً على ذلك، سمح بايدن بثلاث جولات من الغارات الجوية، جميعها في شرق سوريا. وكان آخرها، في 12 نوفمبر/تشرين الثاني، حيث استهدف مواقع حددتها البنتاغون على أنها تُستخدَم من الحرس الثوري الإيراني و”الجماعات التابعة لإيران”.
وقال مسؤول أمريكي لواشنطن بوست إنَّ ما يصل إلى 7 مسلحين قُتِلوا، وهو “تقدير تقريبي”، بينما تواصل الولايات المتحدة تقييم النتائج.
فيما أوضح مسؤولون أنَّ الغارات دمرت ما يُزعَم أنها مستودعات تحتوي على أسلحة وذخائر ومركز قيادة ومنشأة تدريب. ومع ذلك، فشلت كل عملية في إبطاء وتيرة النشاط العدائي، الذي استؤنف على الفور تقريباً في جميع الحالات.
وجاءت الهجمات الـ61 على القوات الأمريكية بوتيرة مذهلة أيضاً: فقد وقع حوالي 80 حادثاً مشابهاً بين يناير/كانون الثاني 2021 ومارس/آذار من هذا العام، حسبما قالت البنتاغون.
الخيارات الإضافية
في السياق، قال مسؤول كبير في وزارة الدفاع إنَّ الخيارات الإضافية التي قدمتها البنتاغون للرئيس تتجاوز الإجراءات التي اتخذها بايدن حتى الآن. وأكد هذا الشخص أيضاً أن هناك شكاً متزايداً داخل وزارة الدفاع حول النهج الحالي.
من جانبها قالت كريستين أبي زيد، مديرة المركز الوطني لمكافحة الإرهاب، للمُشرّعين في مجلس النواب يوم الأربعاء 15 نوفمبر/تشرين الثاني، إنه على الرغم من الهجمات المتواصلة على الجنود الأمريكيين، فإنَّ إيران ووكلاءها “يحاولون الحفاظ على توازن دقيق للغاية في المنطقة”.
وأضافت أنه يبدو أنَّ هناك جهوداً متضافرة لتجنب “تحركات صريحة تخاطر بإشعال صراع مباشر أكثر مع إسرائيل أو الولايات المتحدة، لكن في الوقت نفسه تكبديهما تكاليف من خلال الهجمات ضد الولايات المتحدة وإسرائيل”.
وفي تصريحاتهم العامة، سعى مسؤولو وزارة الدفاع إلى التقليل من أهمية الهجمات في العراق وسوريا، ووصفوها بأنها غير دقيقة في كثير من الأحيان ولا تسبب أضراراً تُذكَر للبنية التحتية الأمريكية.
تزايد القلق
لكن مع استمرار ارتفاع عدد الهجمات، تزايد أيضاً القلق من أنها مسألة وقت فقط قبل أن تودي إحداها بحياة أحد أفراد الخدمة الأمريكية.
من جهته، قال السيناتور كيفين كريمر، عضو لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، في مقابلة: “لا أشعر بأي ردع أمريكي؛ فهم يواصلون إطلاق النار، في انتظار ردنا. لكننا لا نفعل ذلك؛ لذا يواصلون إطلاق النار. وفي نهاية المطاف، ستقتل إحدى تلك الطائرات بدون طيار، أو أحد تلك الصواريخ أو جندياً أمريكياً. وبعد ذلك سنضطر للاشتباك بقوة”.
وأوضح كريمر: “لا أقترح أن نبدأ حرباً شاملة مع طهران. لكنني أعتقد أنَّ موقفنا يجب أن يكون أكثر عدوانية قليلاً من مجرد الدفاع؛ لأننا في يوم من الأيام، سنفشل في ردع إحدى تلك الطائرات بدون طيار”.