غـــــــــــزة

يـــــــــــوم

أخبار

حرب غزة دفعت شباباً أمريكيين للجوء لقراءة القرآن.. أرادوا فهم صمود الفلسطينيين أمام جرائم الاحتلال

نتائج الثانوية العامة

كانت ميغان بي رايس تحب القراءة، ولهذا أنشأت نادياً للروايات الرومانسية على منصة ديسكورد، وتنشر تقييمات الكتب على تيك توك. وقبل أيام سخّرت رايس، التي تبلغ من العمر 34 عاماً وتعيش في شيكاغو، حساباتها على الشبكات الاجتماعية للحديث عن الأزمة الإنسانية في غزة، وقالت في مقابلة: “أردت أن أتحدث عن إيمان الشعب الفلسطيني، وكيف أنه قوي جداً، فهم لا يتوقفون عن شكر الله، حتى بعد أن فقدوا كل شيء”، وذلك وفق ما نشرت صحيفة The Guardian البريطانية في تقرير لها يوم الإثنين 20 نوفمبر/الثاني 2023.

اقترح عليها بعض المسلمين أن تقرأ القرآن لتفهم المزيد عن الدين الإسلامي. لذا أنشأت رايس، التي لم تكن متدينة، “نادي الكتاب الديني العالمي” على موقع ديسكورد، حيث يستطيع الناس من كافة الثقافات دراسة القرآن معها.

وكلما تعمقت رايس في قراءة القرآن، اكتشفت أن محتواه يتوافق مع مبادئها. فوجدت أن القرآن رافض للنزعة الاستهلاكية، وللقمع، ومناصر للنسوية. وفي ظرف شهر، نطقت رايس الشهادتين، وارتدت الحجاب، وأصبحت مسلمة.

القرآن طريق  شباب أمريكي لفهم صمود أهل غزة

رايس ليست وحدها التي أرادت قراءة وفهم القرآن. فعلى تيك توك، يقرأ الشباب القرآن كي يحسنوا فهمهم للإسلام الذي طالما شوهته وسائل الإعلام الغربية، ولإظهار تضامنهم مع الكثير من المسلمين في غزة. وتُظهر مقاطع الفيديو تحت هاشتاغ “quranbookclub”- الذي حصد 1.9 مليون مشاهدة على التطبيق- المستخدمين وهم يمسكون المصاحف التي اشتروها مؤخراً ويقرأون آياته للمرة الأولى. ويجد آخرون نسخاً مجانية على الإنترنت، أو يستمعون إلى شخص يتلوه أثناء قيادتهم للعمل.

وتعمل زارينا جريوال، الأستاذة المساعدة في جامعة ييل، على تأليف كتاب عن القرآن والتسامح الديني في الثقافة الأمريكية. وقالت إن هذا الاهتمام على تيك توك ليس سابقة.

فبعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول، صار المصحف أكثر الكتب مبيعاً، رغم أن الكثير من الأمريكيين اشتروه حينذاك لتأكيد تحيزاتهم عن الإسلام بأنه دين عنيف بطبيعته. وقالت زارينا: “المختلف هذه المرة أن الناس لا يلجأون إلى القرآن لفهم هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الذي شنته حماس. بل لفهم الصمود المذهل والإيمان والقوة الأخلاقية والشخصية التي يرونها في الفلسطينيين المسلمين”.

وهذا ما جعل نفرتاري مون، 35 عاماً، من مدينة تامبا بولاية فلوريدا، تقرأ مصحف زوجها. كانت مون تعتبر نفسها روحانية وليست متدينة، وتصف زوجها بأنه مسلم غير ملتزم. وقالت: “أردت أن أرى ما الذي يجعل الناس يدعون الله حين يواجهون الموت. رؤية المقطع تلو الآخر كان لها أثر في نفسي. وبدأت أشعر بهذا الارتباط العاطفي به”.

اعتناق الإسلام

لهذا السبب، قررت مون أيضاً اعتناق الإسلام. وقالت: “لا يمكنني تفسير ذلك، لكنني أشعر بالسلام حين أقرأ القرآن. أشعر أنني خفيفة، وكأنني عدت إلى شيء كان موجوداً دائماً وينتظر عودتي”.

وأقامت ميشا يوسف، وهي كاتبة أمريكية باكستانية ومقدمة برنامج صوتي وتدرس التفسيرات التقدمية للقرآن، سلسلة خاصة لنادي القرآن على إنستغرام منذ عام 2020. وتقول إن بعض المواضيع في المصحف تتوافق مع قيم الشباب الأمريكيين اليساريين.

وقالت ميشا: “القرآن يزخر باستعارات الطبيعة ويشجعك على أن تكون من دعاة حماية البيئة. والقرآن أيضاً يرفض النزعة الاستهلاكية، بمعنى أننا جميعاً ضيوف على الأرض ولا ينبغي لنا أن نقيم علاقة استغلالية مع العالم أو إخواننا من البشر”.

وفي القرآن، الرجال والنساء متساوون عند الله، وتقول رايس وغيرها من نشطاء التيك توك الذين اعتنقوا الإسلام إن تفسيراتهم لنص القرآن تدعم مبادئهم النسوية. كما أنه يتناول التفسيرات العلمية للخلق، ويضم آيات عن الانفجار الكبير ونظريات أخرى.

وقالت رايس: “عادة ما يكون المجتمع الديني في حرب على العلم. لكنني الآن أرى ديناً يحتضن العلم ويستخدم نصوصه المقدسة لدعمه”.

تصاعد جرائم الكراهية ضد المسلمين

كانت سيلفيا تشان مالك في مرحلة الدراسات العليا بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول وسط تصاعد جرائم الكراهية ضد المسلمين واللغة المعادية للأجانب المستخدمة في وسائل الإعلام. وقالت: “كنت مهتمة جداً بما كان يحدث، وقارنته بتاريخ الأمريكيين اليابانيين بعد بيرل هاربور. وبدأت في دراسته بمفردي، والتقيت بمسلمين حقيقيين، وشعرت بذهول حين درست الإسلام”.

وأثناء دراستها، اعتنقت تشان مالك الإسلام. وهي الآن أستاذة مساعدة في جامعة روتجرز وتركز أبحاثها على تاريخ الإسلام والإسلاموفوبيا في الولايات المتحدة. وقالت: “مررت بتجربة مشابهة جداً لما يحدث على تيك توك الآن. وحينها، تساءلت لماذا كان المسلمون الذين التقيت بهم مختلفين تماماً عما أسمعه في الأخبار. لم يسبق لي أن واجهت هذا الانفصال الهائل بين التصور الشعبي والحقيقة”.

وترى زارينا أن الناس غالباً ما يبدأون في قراءة المصاحف لتأكيد أفكارهم المسبقة. وقالت: “مثلما يبحث العنصريون عن آيات تؤكد تحيزاتهم العنصرية، فاليساريون يدرسون هذا الكتاب لتأكيد الرسائل التقدمية. وكل الكتب المقدسة معقدة وتحتاج إلى قراءات متعددة، ومستخدمو التيك توك يقرأون النص بحثاً عما يأملون في العثور عليه”.

وقالت رايس إنها نشأت في ظل أحداث 11 سبتمبر/أيلول، وكانت ترفض الإسلاموفوبيا والتمييز الذي جعل الأمريكيين المسلمين مستهدفين. وقالت: “باعتباري فتاة سوداء، فأنا معتادة على نشر الحكومة الأمريكية لصور نمطية مؤذية تروج لمفاهيم خاطئة للأشخاص خارج مجتمعي عني. ولم أصدق يوماً الصور النمطية التي انتشرت عن المسلمين بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول، ولكنني لم أدرك أن هذه المفاهيم الخاطئة ترسخت بداخلي نوعاً ما إلا بعد أن بدأت قراءة القرآن، لأنني كنت أظن أن الإسلام دين متشدد وصارم”.

وبدأت رايس قراءة القرآن كوسيلة لإبداء تعاطفها مع الفلسطينيين المحاصرين في غزة. لكنها الآن أصبحت عنصراً رئيسياً في حياتها. وقالت: “ما أود أن أقوله إن خلفيتك الدينية ليست مهمة. يمكنك أن تتعاطف مع أحدهم بالتعرف على الأشياء القريبة منه، مثل دينه”.


شبكة الغد الإعلامية - مؤسسة إعلامية مُستقلة تسعى لـ تقديم مُحتوى إعلامي راقي يُعبّر عن طموحات وإهتمامات الجمهور العربي حول العالم ونقل الأخبار العاجلة لحظة بلحظة.

منشورات ذات صلة