تواجه “إيلات” أزمة مزدوجة في ظل الحرب على قطاع غزة، فعلى الرغم من ارتفاع عدد المقيمين في مدينة السياحة والعطلات بنحو 50% مع وصول عشرات الآلاف من سكان غلاف غزة، فإن الحركة التجارية في تدهور كبير بسبب انعدام الحركة السياحية في المدينة المطلة على البحر الأحمر، بحسب ما نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، الجمعة 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2023.
حيث أصدر رئيس بلدية إيلات، إيلي لانكري، نداءً عاجلاً لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو للتصدي للأزمة الاقتصادية، يقول فيه: “اقتصاد المدينة يواجه الانهيار، وبدون مساعدات حكومية ضخمة وفورية، قد تنهار المدينة اقتصادياً واجتماعياً، وستكون تكلفة إعادة إعمارها عشرات الآلاف من تكلفة المساعدات المطلوبة الآن”.
ويعيش أصحاب الأعمال في المدينة في ظل الأزمة الناشئة. إيلان نيزمودينوف (30 عاماً)، صاحب متجر، يقول: “ببساطة لا يوجد عمل، كل شيء مات. هناك أشخاص، لكن لا مال. أشعر بأنني أتيت إلى المكان لأعتني به وليس للعمل فيه”. وأضاف: “أنا أستحق مساعدة الدولة، لأنه خلال شهر سيكون الوضع كارثياً، ولا أحد يساعدنا، ولا أحد يتحدث إلينا”. وتابع: “فهمت أن هناك إمكانية للمنح، لكن هناك نحو 600 نموذج ومعايير كثيرة. أريد فقط أن أعمل. الوضع أسوأ من جائحة كوفيد”.
وقال أيضاً: “لا أرى كيف سيأتي السياح إلى هنا قريباً، ببساطة لن يأتوا. لن تكون هناك سياحةٌ، إذ لن تكون هناك إيلات”.
أُغلِقَت حانة “ذا بيرز” في المركز السياحي، والتي افتتحت عام 2008 أمام نحو 300 شخص، عندما اندلعت الحرب. من بين 15 فرداً من أفراد الطاقم، جُنِّدَ 9 كجنود احتياط، وضمن ذلك تومر وشريكيه بن آدا وأفيتار أوهانا.
يقول تومر: “في 7 أكتوبر/تشرين الأول، نُقِلنا إلى الاحتياط؛ كل واحد إلى مكان مختلف، وضمن ذلك غزة. والحانة مغلقة، وليست لدينا القدرة على فتحها بدون موظفين”.
وأضاف: “نحن ندرك أهمية التعبئة والتجنيد، فنحن نخدم في الاحتياط منذ 18 عاماً، ولدينا أشياء مهمة جداً يجب التعامل معها. ومع ذلك، نتوقع تلقي المساعدة من السلطات، وكان من المفترض أن تكون هذه هي الخطوة الأولى”.
يوناتان شاحر (40 عاماً)، من مطعم “بابي” الذي افتُتِحَ في أبريل/نيسان 1985، وهو من أقدم المطاعم في المدينة، يحكي عن انخفاض بنسبة نحو 60% في نطاق العمل، وفي عدد الموظفين كذلك. قال: “من بين 50 موظفاً اليوم، لدينا 8. في 7 أكتوبر/تشرين الأول، توقف كل شيء. نحاول مساعدة أولئك الذين يستطيعون التبرع بأكبر قدر ممكن، ونقدم خصومات لجميع رواد المطعم، ونتبرع بالوجبات، وندعو الأشخاص الذين أجلوا بتناول الطعام هنا”.
ويواجه سائقو سيارات الأجرة في إيلات أيضاً انخفاضاً كبيراً في الدخل. يقول سائق يُدعَى عوفر (64 عاماً): “الوضع سيئ. لا يوجد سياح ولا شيء، الفنادق ممتلئة ولكن بسكان البلاد الذين أُجلوا، وهم بالكاد يخرجون من الفنادق. العمل انخفض بنسبة 50% على الأقل”.
أزمة هزت تل أبيب
هزَّت الحرب والتوترات الإقليمية الأسواق الإسرائيلية، فقد هبط المؤشر الرئيسي لبورصة تل أبيب، TA-35، بنسبة 9%، وتراجع سعر الشيكل أمام الدولار، في ظل توقع المستثمرين استمرار الصراع لأمد طويل يحمل معه تكاليف اقتصادية كبيرة. وارتفعت تكلفة التأمين على الديون السيادية الإسرائيلية.
قال جاي بيت أور، الخبير الاقتصادي الأول في الشركة الاستثمارية الإسرائيلية Psagot Investment House، إن التداعيات قد تكون أسوأ من المواجهة التي استمرت لمدة شهر بين إسرائيل وحزب الله في 2006 -والتي تعد واحدة من أكبر الحروب الحديثة التي خاضتها إسرائيل- وقد ينكمش الناتج الاقتصادي بما يصل إلى ما بين 2 و3% بين الربعين الثالث والرابع من هذا العام.
وأوضح: “نحن في انتظار عملية طويلة، وسوف تحمل خسارة فادحة على الاقتصاد الإسرائيلي. الناس يلغون عطلاتهم وحفلاتهم وفعالياتهم. الناس يبقون في منازلهم. الأطفال في البيوت، والكثير من الأشخاص لا يمكنهم العمل”. وقد لجأت المدارس في جميع أنحاء إسرائيل إلى التعليم عن بُعد.
وفي قطاع الخدمات، تبدو الضغوط حادة. ففي أي أسبوع اعتيادي، تستكمل نينا مزراحي، سائقة سيارة أجرة من شمال إسرائيل، ما بين 20 و40 رحلة يومياً. في الأسبوع الماضي، بلغ متوسط الرحلات رحلةً واحدةً فقط. قالت نينا: “لا يوجد عمل.. لا أدري حقاً كيف ستستمر الشركات الصغيرة [في عملها]”.
عانى قطاع السياحة أيضاً، في الوقت الذي يبدأ فيه موسم الذروة الاعتيادي بين أكتوبر/تشرين الأول وديسمبر/كانون الأول. قالت جانيت بيليج، رئيسة جمعية المرشدين السياحيين في إسرائيل، إن بعض الرحلات أُلغيت حتى مدة تصل إلى عامين، في خضم مخاوف من أي اجتياح انتقامي لغزة قد يتحول إلى حريق إقليمي.