حذر مسؤولون لبنانيون وفلسطينيون وفي الأمم المتحدة من “كارثة” توشك أن تلحق بمئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، إذ قالت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم (الأونروا) إن ما لديها من تمويل لا يكفي للقيام بأعباء عمل الوكالة إلا لشهر واحد آخر.
صحيفة The Financial Times البريطانية نقلت، الإثنين 4 مارس/آذار 2024، عن دوروثي كلاوس، مديرة مكتب وكالة الأونروا في لبنان الذي يقدم مساعدات شبيهة بخدمات الدولة لأكثر من 250 ألف لاجئ فلسطيني قولها: “سنواصل عملياتنا حتى نهاية مارس/آذار”، “لكن إذا لم يُستأنف التمويل بعد ذلك، فلا نعرف ما سيحدث”.
بينما قال فيليب لازاريني، المدير العام للأونروا، الأسبوع الماضي، إن الوكالة بلغت “محطة الانهيار”. وأرجع ذلك إلى أن الأونروا إذا لم تتلقَّ التمويل من دول أخرى بحلول نهاية مارس/آذار، فإنها ستعجز عن دفع رواتب موظفيها البالغ عددهم 30 ألف موظف.
كما أنها ستتوقف عن تقديم الخدمات ليس فقط للاجئين في غزة، ولكن لنحو 4 ملايين من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان والضفة الغربية المحتلة والأردن وسوريا.
تضرر اللاجئين الفلسطينيين في لبنان
فيما قالت دوروثي كلاوس، مديرة الأونروا في لبنان، إن “الأونروا في لبنان هي المكان الذي يتوجه إليه اللاجئون الفلسطينيون لتطعيم أطفالهم، ولإلحاقهم بالمدارس. والمكان الذي يأتون إليه حين تصيبهم مشكلات نفسية أو اجتماعية، ليقابلوا الأخصائيين الاجتماعيين لدينا. وكلُّ ذلك معرَّض للزوال”.
أضافت دوروثي: “نحن في معضلة يستحيل حلَّها” إذا استمرت الأمور على هذا النحو، لا سيما وأن الأونروا تعمل بالفعل بموارد “قليلة للغاية” منذ عدة سنوات.
بينما أشارت دوروثي إلى أن مسؤولي الأونروا لا يزال لديهم أمل في الوصول إلى حلٍّ ما، لكنها شدَّدت على أنها لم تتلق حتى الآن عروضاً ملموسة من مانحين آخرين، مثل دول الخليج العربية التي ساعدت من قبل في تخفيف الأزمة التي لحقت بالوكالة في عام 2018 بُعيد إعلان إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إيقاف تمويلها للوكالة.
في معرض الحديث عن تأثير قطع التمويل عن الأونروا في الأردن وسوريا ولبنان، قال إبراهيم سيف، الاقتصادي الأردني والوزير السابق، إننا “نتحدث عن دول حيزها المالي شديد الضيق”، و”تعاني عجزاً في ميزانيتها”، ومن ثم “ليس لديها موارد يمكن تخصيصها للاجئين”.
يقول جهاد عبد الوهاب، مدرس العلوم في المدرسة الابتدائية بمدرسة نهر الأردن التي تديرها الأونروا في مخيم البداوي شمال لبنان: “لا بديل للأونروا، لذلك يسود القلق والخوف بين الطلاب والعائلات”، و”يسألني الطلاب مراراً: (ماذا سيحدث لنا إذا أُغلقت مدارس الأونروا؟)”، “فبعضهم سيلتحق بعملٍ ما، وبعضهم ربما يتجه يتعاطى المخدرات.. أو إلى حمل السلاح”.
بينما قال عمرو الخطيب، أحد سكان مخيم برج البراجنة في جنوب بيروت، إنه وكثيرون آخرون يعتمدون على الرعاية الصحية التي تقدمها الأونروا، ومنها العلاج الشهري والأدوية، وتساءل متخوفاً: “من سيسدُّ هذا الفراغ؟.. [غياب الأونروا] سيكون كارثة على الفلسطينيين”.
الاحتلال لم يقدم أدلة على ادعاءاته
يأتي ذلك بينما ذكرت صحيفة The Guardian البريطانية، الجمعة 1 مارس/آذار، أن محققي الأمم المتحدة لم يتلقوا بعد أي دليل من إسرائيل، رغم مرور شهر لدعم ادعاءاتها بأن عاملين في وكالة الأونروا شاركوا في عملية طوفان الأقصى.
الصحيفة أوضحت أن الادعاءات الموجهة ضد موظفي “الأونروا” الـ12 أدت إلى قيام 16 جهة مانحة رئيسية بتعليق مساهماتها التي يبلغ مجموعها 450 مليون دولار، في وقت يواجه فيه أكثر من مليونين من سكان غزة المجاعة.
فيما تقول “الأونروا” إنها تقترب من “نقطة الانهيار”، وليس لديها سوى أموال كافية لمواصلة عملها للشهر المقبل على الأكثر.
في 29 يناير/كانون الثاني، أطلق مكتب الأمم المتحدة لخدمات الرقابة الداخلية تحقيقاً في أعقاب الادعاءات الإسرائيلية التي قُدِّمَت في البداية إلى الأونروا في يناير/كانون الثاني، وقدم تحديثاً عن عمله إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الأربعاء.
كما قال الدبلوماسيون الذين اطلعوا على التقرير الأوَّلي لمكتب خدمات الرقابة الداخلية إنه لا يحتوي على أي دليل جديد من إسرائيل منذ عرض الادعاءات لأول مرة في يناير/كانون الثاني، والتي لم تكن مدعومة بأي دليل.
في تلخيصٍ للنتائج، أكد المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، أن التحقيق لم يتلقَّ بعد مواد داعمة لادعاءات إسرائيل.
الدبلوماسيون أضافوا أن المحققين تشاوروا مع الدول الأعضاء الأخرى، وزاروا مقر الأونروا في الأردن لمراجعة المعلومات المتعلقة بموظفي الوكالة وعملياتها، بما في ذلك الاتصالات الإلكترونية والبيانات المتعلقة باستخدام مركبات الأمم المتحدة.
بحسب الدبلوماسيين في الأمم المتحدة، فإنه من المتوقع أن تقدم تقريراً مرحلياً في منتصف مارس/آذار، وهو ما قد يؤدي إلى استئناف التمويل من الجهات المانحة الرئيسية، قبل نفاد أموال الوكالة تماماً. ومن المتوقع أن يقدم فريق المراجعة تقريره النهائي في منتصف أبريل/نيسان.