حذر برنامج الأغذية العالمي من أن الحرب الدائرة في السودان منذ قرابة 11 شهراً “قد تخلف أكبر أزمة جوع في العالم”، في بلد يشهد أساساً أكبر أزمة نزوح على المستوى الدولي، وفق ما جاء في تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية، الأربعاء 6 مارس/آذار 2024.
إذ قالت مديرة برنامج الأغذية العالمي، سيندي ماكين، إن المعارك في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، التي أوقعت آلاف القتلى وأدت الى نزوح 8 ملايين شخص، “تهدد حياة الملايين، كما تهدد السلام والاستقرار في المنطقة بكاملها”.
تحذير من أكبر أزمة جوع في العالم
كما تابعت مديرة برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة: “قبل 20 عاماً، شهد دارفور أكبر أزمة جوع في العالم، ووحد العالم (آنذاك) جهوده لمواجهتها، ولكن السودانيين منسيون اليوم”.
فيما أكدت ماكين أنه ما لم يتوقف العنف “قد تخلف الحرب في السودان أكبر أزمة جوع في العالم”. ووفق برنامج الأغذية العالمي، فإن أقل من “5% من السودانيين يستطيعون أن يوفروا لأنفسهم وجبة كاملة” في الوقت الراهن.
بينما تقول منظمة أطباء بلا حدود إن طفلاً يموت كل ساعتين في مخيم زمزم للاجئين في دارفور. وفي جنوب السودان -حيث لجأ 600 ألف شخص هرباً من الحرب- “يعاني طفل من كل 5 أطفال في مراكز الإيواء عند الحدود من سوء التغذية”، بحسب ماكين.
كما يعاني 18 مليون سوداني من انعدام الأمن الغذائي الحاد، وصار 5 ملايين منهم على شفا المجاعة، في حين يعاني العاملون في مجال الإغاثة الإنسانية الذين يساعدونهم، من صعوبات في التنقل ونقص كبير في التمويل.
الناس يموتون جوعاً في السودان كل يوم
يأتي التحذير من أكبر أزمة جوع في العالم، فيما نقل موقع “Middle East Eye” البريطاني عن مصادر محلية في جميع أنحاء البلاد أن الناس في السودان يموتون جوعاً كل يوم، فيما تدهورت الأوضاع الإنسانية في السودان، ووصفتها التقارير بأنها في “حال مروعة”.
فيما أوردت “المنظمة الدولية للهجرة”، في نهاية يناير/كانون الثاني 2024، أن 10.7 مليون شخص نزحوا بسبب الصراعات في السودان، منهم 9 ملايين داخل البلاد، وتفوق احتياجات السكان حجم التمويل المتاح للمساعدات الإنسانية.
إذ تقول وكالات الأمم المتحدة إن السودان يحتاج إلى مساعدات بقيمة 2.7 مليار دولار هذا العام، إلا أن المانحين لم يقدموا حتى الآن سوى أقل من 4% من هذا المبلغ، في ظل أن الناس في السودان يموتون جوعاً.
بينما لم تستطِع الوكالات الدولية أن تجمع العام الماضي سوى 43% من التمويل الذي كان مخططاً للبلاد، وقالت مصادر متعددة لموقع MEE إن السودان يواجه مصاعب جمة في اجتذاب الاهتمام الدولي بالقياس إلى الاهتمام المتوجه إلى النزاعات في أوكرانيا وغزة.
سوء التغذية يفتك بأطفال السودان
في غضون ذلك، يفتك سوء التغذية بأطفال السودان، وتفشت بين السودانيين أمراض شتى، أبرزها الكوليرا، التي بلغ عدد المشتبه في إصابتهم بها أكثر من 10 آلاف شخص.
زاد من وطأة الأمر تعرُّض الأطباء والمستشفيات والعاملين بالطوارئ في الأحياء للهجوم والاعتداء. وقد فشل موسم الحصاد بسبب اضطراب الأمطار وانعدام الأمن، ما تسبب في موت الناس في السودان جوعاً.
فيما توشك الحكومة (المتحالفة مع الجيش) على الإفلاس، وقد جعلها ذلك عاجزة عن تقديم المساعدات الإنسانية اللازمة، كما اتُّهمت قوات الدعم السريع بمنع المساعدات من الوصول إلى المناطق التي تسيطر عليها.
يقول برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة إن “ما لا يقل عن 25 مليون سوداني يعانون تحت وطأة ارتفاع معدلات الجوع وسوء التغذية”، و”يُكابد سوء التغذية 3.8 مليون طفل دون سن الخامسة”.
الكبار في السودان يموتون جوعاً
قالت مصادر متعددة في جميع أنحاء السودان لموقع MEE إن أطفالاً يموتون من الجوع كل يوم، وقال 3 أعضاء في الشبكة الوطنية لمجموعات المساعدة المتبادلة المعروفة باسم “غرف الاستجابة للطوارئ”، إن الناس في الخرطوم يموتون بصمتٍ في منازلهم بسبب الجوع.
ناشط يعمل بغرف الطوارئ قال إنهم عثروا في حي الكلاكلة جنوبي الخرطوم “على 3 أشخاص ماتوا جوعاً داخل منزلهم، ودفنهم جيرانهم في صمت. ويبدو أنهم لم يكن لديهم طعام ولا مال، وخشوا الخروج بسبب القصف المستمر”. وقال عاملون آخرون في غرف الطوارئ إن الناس في مدينة أم درمان يواجهون الأمر نفسه.
كما قال طبيب في ولاية كسلا بشرق السودان إن “الأطفال في المناطق النائية في تلكوك وغيرها من قرى الريف يموتون بسبب سوء التغذية”، “ولما وصل بعضهم إلى مستشفى كسلا وجدناهم مصابين بسوء تغذية حاد، وعجزنا عن إنقاذ حياتهم”.
فيما رجَّح المراقبون أن تكون الأحوال أشد سوءاً في منطقة دارفور التي تعد قاعدة قوات الدعم السريع، إذ يمكث السودانيون النازحون إلى هناك في مخيمات متهالكة، ويعانون المجاعة وسوء التغذية وغير ذلك من الأخطار الجسيمة.
تذهب تقديرات منظمة “أطباء بلا حدود” الإغاثية إلى أن مخيم زمزم في شمال دارفور يشهد وفاة طفل كل ساعتين، ووفاة نحو 13 طفلاً كل يوم.
بينما قالت كلير نيكوليه، مسؤولة شؤون الطوارئ بمنظمة أطباء بلا حدود في السودان، إن “الناس الذين يعانون سوء التغذية الحاد، ومن لم يموتوا بعدُ بالجوع، معرضون بشدة لخطر الوفاة في غضون 3 إلى 6 أسابيع إذا لم يحصلوا على العلاج. ويُمكن علاجهم إذا ذهبوا إلى منشأة صحية مناسبة، لكن كثيرين منهم لا يتمكنون من ذلك”.