هل مرَّ من أمامك فيديو سائق رفض توصيل سائح إسرائيلي في مصر بعدما عرف هويته؟ ربما شاهدته في فيديوهات إنستغرام أو Tik Tok القصيرة، أو ربما وجدت منصة إعلامية نشرت عن القصة دون الكثير من التفاصيل، لذلك بحثنا عن قصة هذا المقطع المصوَّر.
سائق رفض توصيل سائح إسرائيلي في مصر
مقطع الفيديو أظهر تعامل السائق الشاب بينما يقوم بتوصيل سائح إسرائيلي في مصر، حيث بدأ التعامل بطريقة ودودة يقول فيها السائح الإسرائيلي للشاب المصري باللغة الإنجليزية: “محمود، هل لديك خوذة حماية للرأس؟”، ويسأله إن كان سيستخدمها، وانطلقت رحلة الرجلين فوق دراجة نارية.
كسر الشاب المصري حاجز الصمت الذي ساد لثوانٍ ليسأله باللغة الإنجليزية: “هل مصر جيدة؟”، ليرد السائح الإسرائيلي “ممتاز” باللغة العربية، وهنا؛ استكمل الشاب المصري الحديث باللغة العربية ليسأل السائح “إنت من فين؟” ثم كرر السؤال بكلمات إنجليزية.
يبدو أن السائح الإسرائيلي ارتبك للحظات، حيث كرَّر السؤال وقال: “من وين بتفكر (تفكر/تعتقد؟)”، ثم ضحك ليشاركه الشاب المصري الضحك أيضاً.
محمود الذي كان يسوق الدراجة النارية أجابه بالعربية “اللي إنت عايزة (تريده)”، ثم أجاب السائح الإسرائيلي: “أنا من إسرائيل”.
هنا؛ نظر الشاب المصري إلى الوراء لثوانٍ وقال: “ليه؟” وأظهرت لغة جسده علامات الذهول، ثم كرر السؤال: “ليه كده؟”، وكرر تساؤل لماذا مرة ثالثة قبل أن يقرر ألا يكمل الرحلة، وقال للسائح الإسرائيلي: “لأ، انزل”، وأوقف دراجته النارية.
سأله السائح الإسرائيلي ماذا يعني؟ ورد المصري بكلمة “لا” بالإنجليزية، ثم قال له: “مش هقدر أكمل”. وحسب مقطع الفيديو، سأل السائح الإسرائيلي بالإنجليزية إن كان يعني أنه لن يكمل الرحلة إلى التاكسي، ليجيب المصري: “آه، كمل تاكسي”.
أصر الشاب المصري على أنه لن يستطيع استكمال الرحلة، وبعدها نزل السائح المصري وقال له “شكراً” بالإنجليزية، ليرد المصري: “عفواً” بالعربية، ثم قالوا: “باي (سلام)”.
مع بداية انتشار مقطع الفيديو في نهاية فبراير/شباط 2024 وحتى قبل ساعات، تنوعت تعليقات متداولي الفيديو بين تشجيع موقف السائق المصري، أو إظهار السعادة بالمشهد.
كما لفت الحديث عن لباقة الشاب المصري في التعامل مع السائح الإسرائيلي في وقت يبدو أنه أراد اتخاذ موقف تجاه كونه من إسرائيل، وهو البلد الذي احتل شبه جزيرة سيناء في مصر ضمن حربه على دول عربية في العام 1967، حيث أجرت إسرائيل غارات جوية على سيناء ومحافظات الدلتا والقاهرة ووادي النيل في يونيو/حزيران 1967.
على إثرها؛ احتلت إسرائيل أراضي سيناء ضمن أراضٍ عربية أخرى (وقطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، ومعظم مرتفعات الجولان السورية) مثلت 3 أضعاف مساحة إسرائيل عند قيامها في 1948. وقد انسحب إسرائيل من شبه جزيرة سيناء بعد 12 عاماً، وذلك في العام 1979 بموجب اتفاقية السلام مع مصر.
ظهرت تساؤلات أيضاً عن توقيت تصوير الفيديو، خصوصاً أنه كان في خضم الحرب الإسرائيلية الدائرة في غزة لشهرها الخامس على التوالي، حيث قتل الجيش الإسرائيلي ما يزيد عن 30 ألف فلسطينياً وأصاب ما يزيد عن 72 ألفاً.
كما ظهرت تعليقات تربط ذلك بحادث قتل سائحين إسرائيليين وإصابة ثالث في مدينة الإسكندرية في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بعدما فتح أحد أفراد الشرطة المعينين بخدمة تأمين مزار عمود السواري بمنطقة المنشية بالإسكندرية، النار عليهم من سلاحه الشخصي، وذلك في اليوم التالي لعملية “طوفان الأقصى”، والتي أعقبها القصف الإسرائيلي المتواصل من حينها والاجتياح البري لقطاع غزة المحاصر.
تاريخ مقطع الفيديو لرفض الشاب توصيل سائح إسرائيلي في مصر
لم يقتصر انتشار مقطع الفيديو عبر المنصات العربية ومدوني الشبكات الاجتماعية فحسب، حتى إن منصات أجنبية مثل موقع Middle East Monitor البريطاني، لكنها أشارت إلى أن الفيديو يعود لمطلع يونيو/حزيران 2023، أي قبل بداية العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع المحاصر.
وببحث محرر “عربي بوست” عن مصدر الفيديو، تبين أنه نشر لأول مرة عبر مدونة سائح إسرائيلي عبر يوتيوب تحمل اسم Insightful Nomad، وجاءت ضمن مدونة مصورة مدتها تتجاوز الـ 43 دقيقة نشرها المدون الإسرائيلي في 31 مايو/أيار 2023، من زيارته إلى مصر.
الفيديو بعنوان “ماذا يحدث عندما يزور إسرائيلي مصر؟” قال المدون الإسرائيلي إنه يهدف لإعطاء لمحة عن نظرة المصريين لإسرائيل الذين سألهم عن “أكثر دولة يكرهونها”، وقال إن الإجابة “كانت متسقة تماماً: إسرائيل”، ونشر مجموعة من المشاهد من رحلته التي استمرت أسبوعين.
كواليس زيارة السائح الإسرائيلي إلى مصر ونصائحه لعدم الوقوع ضحية احتيال
السائح الذي لم يشارك اسمه زار خلال هذه الجولة الأهرامات، والمتحف الحربي، ومتحف أبو سمبل، وعدداً من أحياء القاهرة، بل نشر فيديو له بينما يشرب من نهر النيل، كما زار قرى نوبية، ومدينة الأقصر، والإسكنرية. كما قدم نصائح سفر لمن يريد زيارة مصر باستخدام ميزانية محدودة.
كذلك نشر مقاطع فيديو له يتفاعل فيها مع المصريين ومع الأطفال، ويتحدث الإنجليزية في معظم الوقت، مع استخدام محدود لكلمات عربية، بالإضافة إلى مقطع فيديو يتحدث فيه مع مصري يعرف العربية ويمتدح فيها التعامل مع الإسرائيليين (الدقيقة 36)، رغم أن السائح الإسرائيلي شارك العديد من مقاطع الفيديو لمصريين يرفضون التعامل معه بعد معرفة جنسيته.
الشاب الذي أنشأ قناة يوتيوب في 6 فبراير/شباط 2023 بهدف نشر مقاطع فيديو من جولاته السياحية نشر أكثر من 80 فيديو شاهدها ما يزيد عن 835 ألفاً (835,899) مشاهداً، بينهم أكثر من نصف مليون (505,732) مشاهد فقد للمقطع المشار إليه من زيارته إلى مصر، والذي كان أكثر الفيديوهات أيضاً حصولاً على تعليقات ونقاشات بتجاوز التعليقات 7 آلاف تعليق، يناقش معظمها فكرة زيارة سائح إسرائيلي لمصر.
وفي فيديو آخر نشر المدون الإسرائيلي رحلته السياحية في جزيرة سيناء ومدينة دهب.
المدون الإسرائيلي يملك موقعاً إلكترونياً أيضاً يحمل الاسم نفسه ونشر فيه تجاربه السياحية من 7 دول بينها مصر، وشملت هذه الدول: المالديف، إندونيسيا، وبلغاريا، وأيسلندا، وكولومبيا، وفينزويلا.
كما نشر تدوينة مكتوبة يلخص فيها تجربته السياحية في مصر ونصائحه لقضاء يوم سياحي بأقل من 30 دولاراً أمريكياً. شمل ذلك تجربته حول أفضل وسائل النقل بين المدن وداخل المدينة، ونصائح لأماكن الإقامة، بالإضافة إلى نصائح للحصول على تخفيضات لدخول المواقع الأثرية باستخدام “بطاقة الطالب الدولية” والتي أشار أنه يمكن الحصول عليها حتى لغير الطلاب.
وكذلك تجربته مع الطعام الشعبي المصري وتحديداً الكشري والفلافل، فيما نصح بتجنب تناول الطعام في الأماكن السياحية لتوفير الميزانية، كما قدم قسماً خاصاً ينصح فيها بتجنب “عمليات الاحتيال” وارتفاع الأسعار. كما شارك صورته وهو يرتدي الكوفية الفلسطينية ضمن بعض الصور الأخرى التي أرفقها في هذه التدوينة المكتوبة.
إذ كتب: “وقع العديد من السائحين في فخ عملية احتيال من قبل مصري يدعي أنك بحاجة إليه للدخول إلى موقع ما، أو الوصول إلى مكان معين، أو الحصول على أفضل تجربة وأشياء أخرى. لا تنخدع!”. وقدم نصائح عن الطرق المثلى لشراء التذاكر، ونصح أيضاً، بتعلم بعض الكلمات العربية لتجنب “الاحتيال” ولفهم الأسعار والتمكن من التفاوض بشكل أفضل.