قال كبير محللي صحيفة “يدعوت أحرونوت” الإسرائيلي، الثلاثاء 5 ديسمبر/كانون الأول 2023، إن “هناك 3 أسباب ستمنع إسرائيل من أن تستمر في حربها البرية بمدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة أكثر من أسبوعين”، وتوقع بعدها إنشاء “منطقة أمنية عازلة” بين القطاع الفلسطيني وجنوبي إسرائيل، كما اعتبر أن الفاتورة التي دفعتها تل أبيب في اجتياحها البري لغزة “مقلقة جداً”.
في 3 ديسمبر/كانون الأول الجاري، أعلن الجيش الإسرائيلي بدء عمليات برية شمال خان يونس، مع تحرك قوات مدرعة لمهاجمة ما قال إنها أهداف لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
لن تتجاوز 10 أيام
المحلل البارز في الصحيفة ناحوم بارنياع، اعتبر أن “العملية البرية للجيش الإسرائيلي في خان يونس لن تكون مشابهة في نطاقها وقوتها للعملية البرية في شمالي القطاع”.
بارنياع تابع أن “الخيارات المطروحة حالياً تؤدي إلى استنتاج أن جولة القتال البري في خان يونس لا يمكنها تجاوز عشرة أيام إلى أسبوعين”.
ثم أردف: “إذا لم نطهر مدينة غزة وضواحيها في 59 يوماً من الحرب، فلن نتمكن من تطهير خان يونس وضواحيها في فترة أقصر بكثير، مع وجود مليوني نازح، 1.8 مليون من شمالي القطاع و200 ألف من خان يونس، وضغط أمريكي يملي قيوداً على العملية، إضافة إلى خطر النيران الصديقة”.
كلام المحلل الإسرائيلي حول النيران الصديقة جاء بعد أن قالت هيئة البث الحكومية في 28 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي إن 8 جنود قُتلوا بـ”نيران صديقة” خلال أسبوع في شمالي قطاع غزة.
مقاومة شرسة
المحلل نفسه أشار كذلك إلى مقاومة فلسطينية مسلحة يصفها الجيش الإسرائيلي بـ”الشرسة”، وقال إن “الثمن الذي ندفعه في شمالي القطاع مقلق جداً، وقد تجني خان يونس ثمناً مشابهاً”.
فقد أعلن الجيش مقتل 81 جندياً في المعارك البرية في شمالي القطاع منذ بدء العمليات البرية.
فيما أعلنت كتائب القسام، الذارع العسكرية لـ”حماس”، عن تدمير عدد كبير من الدبابات والآليات العسكرية الإسرائيلية.
شروط أمريكية
بشأن الموقف الأمريكي، قال بارنياع إن “البيت الأبيض قلق من تأثير صور الدمار (في غزة) على الناخبين الشباب والجناح التقدمي في الحزب الديمقراطي، لكن يبدو (الرئيس الأمريكي جو) بايدن مصمماً على الإيفاء بوعده بتقديم مساعدة لإسرائيل تبلغ 14 مليار دولار”.
منذ اندلاع الحرب، قدّم بايدن أقوى دعم عسكري ودبلوماسي ممكن لإسرائيل، لكن ثمة مخاوف في دوائر إدارته من أن الخسائر بين المدنيين الفلسطينيين قد تؤثر على فرص فوزه بولاية رئاسية ثانية في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
كما أضاف بارنياع أنه “لم تتم الموافقة بعد على المساعدات، فالجمهوريون في مجلسي النواب والشيوخ يطرحون شروطاً متجددة لا علاقة لبعضها بإسرائيل، والآن بعض الديمقراطيين يضعون شروطاً تتعلق مباشرة بسياسة إسرائيل تجاه الفلسطينيين”.
ثم زاد بأنه في “البيت الأبيض، يُنظر إلى إسرائيل على أنها مترددة بشأن الحديث عن مستقبل غزة والفلسطينيين في اليوم التالي (لانتهاء الحرب)، كما أنها متهورة ولا تراعي التحذيرات من كارثة إنسانية في قصفها الكثيف لمدن غزة”.
منطقة عازلة
بارنياع اعتبر أن “الدخول البري إلى ضواحي خان يونس هو جزء من المرحلة الثانية من الحرب، ومن المرجح أن تكون الخطوة الأخيرة، ولن نتمكن من توسيعها إلى (مدينة) رفح (على الحدود مع مصر)، فلا يوجد مكان آخر يمكن أن يذهب إليه النازحون”.
فيما يرجح مراقبون أن الجيش الإسرائيلي سيكثف عملياته في جنوبي قطاع غزة لإجبار جزء من سكان القطاع، وهم نحو 2.3 مليون فلسطيني إجمالاً، على الدخول إلى سيناء المصرية، وهو احتمال رفضه علناً الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أكثر من مرة وحذر من تداعياته.
بهذا الخصوص، يقول بارنياع إن “المرحلة الثانية من الحرب، التي بدأت بالعمليات البرية في شمالي القطاع ستنتهي على الأرجح في خان يونس، وبعدها سيتم إنشاء منطقة أمنية عازلة بين قطاع غزة وغلافه (جنوبي إسرائيل)”.
لكنه شدد على أن “هذا الشريط لن يوفر الكثير من الأمن لإسرائيل؛ فالمنطقة ضيقة للغاية ومكتظة بالسكان”.
مستقبل غزة
بالنسبة لمستقبل غزة، قال بارنياع إن “إسرائيل ترغب في أن تشارك كل من مصر والسعودية ودول سنية أخرى إلى جانب الولايات المتحدة في إدارة غزة وإعادة إعمارها”.
قبل أن يستدرك: “لكن احتمالات حدوث ذلك ليست كبيرة؛ إذ تعتزم إسرائيل أن يستمر الجيش في العمل داخل غزة، ومن الصعب أن توافق دول على تعريض جنودها لخطر تبادل إطلاق النار”.
وتقول إسرائيل إن أهداف حربها هي إنهاء حكم “حماس” المتواصل لغزة منذ صيف 2007، والقضاء على قدراتها العسكرية، وإعادة الأسرى الإسرائيليين من القطاع، لكن مع مرور 60 يوماً من الحرب، لم تتمكن من تحقيق أي من هذه الأهداف.
ورداً على “اعتداءات إسرائيلية يومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته”، شنت “حماس” في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي هجوماً استهدف مستوطنات وقواعد عسكرية بمحيط غزة، فقتلت نحو 1200 إسرائيلي وأصابت حوالي 5431 وأسرت قرابة 239، بادلت العشرات منهم، خلال هدنة إنسانية استمرت 7 أيام حتى 1 ديسمبر/كانون الأول الجاري، مع إسرائيل التي تحتجز في سجونها 7800 فلسطيني.