قالت قوات الحشد الشعبي العراقية، وهي قوات نظامية تضم فصائل مسلحة كثيرة متحالفة مع إيران، الجمعة 8 مارس/آذار 2024، إن مجموعة “المهندس” المملوكة للدولة وقَّعت مذكرة تفاهم موسعة مع شركة (سي.إم.إي.سي) الصينية العملاقة للبناء في أول اتفاق معلن مع شركة دولية.
مذكرة تفاهم موسعة مع شركة سي.إم.إي.سي الصينية
قوات الحشد الشعبي أضافت، في بيان، أن “مذكرة التفاهم بين الشركتين تشمل التعاون في مختلف مجالات الإعمار والبناء الهندسي والتجارة والخدمات ومشاريع الطاقة، وذلك بهدف التعاون في إقامة مشاريع مشتركة بين الجانبين”.
ولم يتضمن البيان الذي صدر في وقت متأخر الخميس أي تفاصيل. ولم ترد الشركة الصينية على أسئلة مرسلة بالبريد الإلكتروني.
وتأسست شركة المهندس عام 2022 بعد أن شكَّل رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني حكومة جديدة بدعم من أحزاب وجماعات مسلحة شيعية في الأساس، ولكثير منها صلات وثيقة بإيران.
وتتمتع شركة المهندس العامة للمقاولات الإنشائية والهندسية والميكانيكية والأعمال الزراعية والصناعية بصلاحيات واسعة للعمل في قطاعات كثيرة؛ مما يميزها عن غيرها من الشركات الحكومية العراقية التي عادة ما تكون محدودة النطاق.
انتقادات ومخاوف من نفوذ قوات الحشد
عبَّر منتقدون، من بينهم محللون ودبلوماسيون غربيون، عن مخاوفهم من استخدام المهندس لتعزيز نفوذ الجماعات المسلحة المدعومة من إيران في الدولة العراقية وأنها يمكنها أن توفر مصدراً قوياً جديداً للعائدات.
ويقول مؤيدون للشركة إنها قد تكون أداة فعالة للمساعدة في إعادة بناء وتطوير بلد دمرت سنوات الحرب بنيته التحتية بما في ذلك اعتمادها على آلاف الموظفين في قوات الحشد الشعبي وجناحها الهندسي.
ووقّع مذكرة التفاهم رئيس قوات الحشد الشعبي فالح الفياض الذي فرضت عليه الولايات المتحدة عقوبات في عام 2021 بسبب اتهامه بانتهاكات لحقوق الإنسان أثناء احتجاجات مناهضة للحكومة في عام 2019 قُتل فيها مئات الأشخاص. ونفى الفياض كل هذه الاتهامات.
تفاهمات عراقية صينية
جدير بالذكر أنه في مارس/آذار 2023، سبق أن أصدر البنك المركزي العراقي قرارات استهدف بها تحقيق استقرار الوضع النقدي ومواجهة مخاطر تذبذب سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار الأمريكي وفتح آفاق جديدة مع البنوك العالمية، بينها بنوك الصين.
تضمنت قرارات المركزي العراقي تعزيز أرصدة المصارف العراقية -التي لديها حسابات مع مصارف صينية- باليوان الصيني وسيسهم التعامل باليوان مباشرة دون وساطة الدولار الأمريكي في تسهيل وتسريع المعاملات المالية، وسيقلل تكاليف الاستيراد ويحمي من مخاطر تذبذب أسعار الصرف داخل العراق.
تأسيس مجلس أعمال عراقي- صيني
ولمزيد من التعاون الاقتصادي بين العراق والصين، فقد سبق أن قالت وكالة “شينخوا” الصينية في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2023، إنه تم الإعلان في العاصمة العراقية بغداد عن تأسيس مجلس الأعمال العراقي الصيني بهدف تعزيز التجارة والاستثمار بين الشركات العراقية والصينية.
وشارك في حفل الإعلان، الذي حضره وزير التجارة العراقي وعدد من أعضاء البرلمان العراقي، وكادر السفارة الصينية، وعشرات من رجال الأعمال العراقيين والصينيين، و150 شركة عراقية و55 شركة صينية، وفقاً لحيدر الربيعي، رئيس مجلس الأعمال العراقي- الصيني.
وقال وزير التجارة العراقي الذي حضر ممثلاً لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في كلمة بالحفل: “إن العراق يتطلع إلى المزيد من التعاون مع جمهورية الصين الشعبية الصديقة، ولمزيد من تعميق هذا التعاون للاستفادة من قدراتها وخبراتها في المجالات كافة؛ لكي يتمكن من مواجهة التحديات الاقتصادية والتنموية وتنفيذ الإصلاحات والبرامج والخطط والمشاريع التي بدأتها الحكومة العراقية”.
وفي السياق، قال حيدر الربيعي رئيس المجلس لوكالة أنباء شينخوا، بمناسبة الذكرى الـ65 لإقامة العلاقات العراقية الصينية، قامت جمعية الصداقة العراقية الصينية باختيار خيرة رجال الأعمال العراقيين لتأسيس مجلس أعمال عراقي صيني بالاتفاق مع سفارة جمهورية الصين الشعبية وغرفة التجارة الصينية لتفعيل عمل تجاري مشترك بين الصين والعراق.
وأكد الربيعي أن الجانبين اتفقا على آلية لتسهيل عملية التجارة والاستثمار بين البلدين، مبيناً أن الجانب العراقي يحتاج إلى دخول المستثمر الصيني للسوق العراقي. وأضاف: “إن السوق العراقي سوق واعد ولدينا مشاريع عملاقة واستراتيجية يحتاجها البلد، ونحتاج القوة الاقتصادية الكبرى في العالم وشريكنا وصديقنا وأخينا الصين للدخول لهذه الأعمال التجارية الاقتصادية التي تدر بالمنفعة على العراق والصين”.
وشدد على أن المجلس يلعب دوراً للتقريب بين القطاع الخاص العراقي ونظيره الصيني كونه يمثل منبراً حيوياً لتعزيز التجارة والاستثمار بين الشركات العراقية والصينية. وأعرب الربيعي عن تفاؤله بمبادرة الحزام والطريق لتحسين الاقتصاد العراقي، قائلاً: “اليوم العراق بحاجة إلى دخول مشاريع وتفاهمات اقتصادية تهم مصلحته الاقتصادية وليس لدينا غير الصين في دخول هذا المعترك الاقتصادي المهم”.
وأضاف “أتوقع أن يكون العمل العراقي الصيني بالمستقبل واعداً وجيداً وله مستقبل يخدم الجانب العراقي وأيضاً يحقق أهداف مبادرة الحزام والطريق بنقل البضائع من جنوب الشرق الأوسط إلى تركيا وصولاً إلى أوروبا”.
بدوره قال مستشار السفارة الصينية بالعراق شوي هاي فنغ في كلمة ألقاها نيابة عن السفير الصيني تسوي وي: “يطيب لي أن أتقدم بخالص التهاني بإنشاء مجلس الأعمال العراقي الصيني نيابة عن السفارة الصينية لدى العراق”.
وأضاف: “إن مجلس الأعمال العراقي الصيني هو أول مجلس أعمال تؤسسه الشركات الصينية والعراقية سوياً، ونأمل من المجلس أن يعزز تقاسم المعلومات ويضمن انسياب قناة التعاون ويرشد الشركات لإجراء الأعمال حسب القوانين واللوائح، حتى نجعله جسراً لخدمة التواصل بين شركات البلدين ودفع التعاون الثنائي العملي”.
وأعرب عن ثقته بأن المجلس سيسهم في تطوير العلاقات الثنائية بين الصين والعراق على صعيد الاقتصاد والتجارة إلى حد أبعد.
وخلص إلى القول: “لنتعاون في بناء مجلس الأعمال لتحويله كدافع للتنمية المنفتحة والرائد في التنمية المبتكرة والمنفذ للتنمية المربحة للجميع، ونتآزر لخلق مستقبل أجمل للشراكة الاستراتيجية بين الصين والعراق”.