تحدث الفظائع في ولاية الجزيرة السودانية تحت غطاء انقطاع الإنترنت، إذ اجتاحت قوات الدعم السريع شبه العسكرية ولاية الجزيرة في ديسمبر/كانون الأول، لتُفرِّق المدنيين النازحين إليها وتدفع الجيش السوداني للانسحاب أمامها، وذلك بالتزامن مع سيطرتها على ثاني أكبر مدن البلاد ود مدني، حسب ما نشره موقع Middle East Eye البريطاني
وأفاد شهود العيان والنشطاء المحليون بأن مقاتلي الدعم السريع والعصابات الإجرامية غير التابعة لهم قتلوا، واغتصبوا، واختطفوا المدنيين، ونهبوا منازلهم وسرقوهم، وأحرقوا البنايات.
وفي واقعةٍ صادمةٍ على نحوٍ خاص، تعرضت شابة صغيرة للاغتصاب بواسطة 16 جندياً من الدعم السريع وتأكدت الواقعة بواسطة عائلة الفتاة وجيرانهم، لكن العائلة رفضت الإدلاء بتفاصيل إضافية خوفاً من العار والوصمة المرتبطة بهذا الاعتداء.
وقال أحد شهود العيان، الذي طلب عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية، في تصريح لموقع Middle East Eye البريطاني: “الفتاة المُغتصبة هي ابنة أحد جيراني في قريتنا.. حاول أحد أقاربها الدفاع عنها، لكنهم أردوه قتيلاً أمام أعين الجميع”.
أنقذوا مدينة الجزيرة
في تذكير بتحالف “أنقذوا دارفور” الدولي الذي أُطلِق عام 2004، دشن مئات النشطاء السودانيين حملة “أنقذوا الجزيرة” لتسجيل الفظائع التي ارتكبتها قوات الدعم السريع بعد قطع الإنترنت في الولاية.
وقالت العديد من المصادر في الجزيرة، بالإضافة إلى محلل عسكري غربي يراقب التطورات على الأرض عن كثب، إن قوات الدعم السريع هي المسؤولة عن حجب الوصول إلى الإنترنت.
بينما تناهى إلى علم الموقع البريطاني أن هجمات قوات الدعم السريع بطول الولاية منذ نهاية ديسمبر/كانون الأول قد أسفرت عن مقتل نحو 1,000 مدني، لكن التقديرات متفاوتة في هذا الصدد. وقال العديد من الشهود إن المدنيين يموتون كذلك بسبب نقص الأدوية المتاحة، كما أُصيب الآلاف خلال الهجمات الجارية.
وزعمت المصادر المحلية أن عشرات النساء تعرّضن للاغتصاب أو الاختطاف بواسطة مقاتلي الدعم السريع أو العصابات الإجرامية، التي انتشرت في أرجاء الولاية منذ مطلع فبراير/شباط.
حجب الإنترنت
فيما قال متحدث باسم إحدى لجان المقاومة في ود مدني: “لا نستطيع الوصول إلى كل الضحايا بسبب انقطاع الإنترنت”، على الرغم من مقتل أكثر من 1000 مدني خلال الهجمات المسلحة.
وفي مدينة الحصاحيصا بولاية الجزيرة، قال متحدث باسم لجنة مقاومةٍ أخرى إن قوات الدعم السريع استغلت غطاء انقطاع الإنترنت، واجتاحت 53 قرية لا تحتوي على حاميات عسكرية أو وجود للجيش.
وأوضح المتحدث في ندوةٍ غطّاها الموقع البريطاني: “نزح 70% من سكان قرى غرب الجزيرة، وأصبح الوضع الصحي كارثياً لعدم وجود أدوية، وتوفي غالبية كبار السن ومن يعانون من أمراضٍ مزمنة”.
اغتصاب وخطف
المتحدث باسم لجنة المقاومة في ود مدني قال إنهم وثقوا العديد من حالات الاغتصاب، والخطف، وغيرها من الفظائع بطول ولاية الجزيرة وأردف: “اختطف الجنجويد العديد من الفتيات في العديد من القرى المختلفة. ولا يمكننا إحصاء جميع الحالات بسبب انقطاع الإنترنت، لكننا نستطيع تأكيد حدوثها عبر العديد من الشهود”.
وأضاف: “في ما يتعلّق بحالات الاغتصاب، نستطيع التأكيد على وجود حالات عديدة. لكن الناس يخشون الوصمة الاجتماعية، ولهذا يفضلون عدم الحديث عن الأمر علناً”.
وأوضح المتحدث أن قوات الدعم السريع لا تزال تحاصر ود مدني، وتنهبها، وتسرق سكانها، وتهينهم داخل منازلهم وعند نقاط التفتيش. وذكر أن قوات الدعم السريع استهدفت محاصيل المزارعين بطول الولاية، كما نهبت مخازن منظمات الإغاثة.
وتابع المتحدث: “تمتلك قوات الدعم السريع خطةً مُمنهجة لاستخدام هذا العنف المفرط في فرض التغيير السكاني، واحتلال الجزيرة، والاستيلاء على مشروع الجزيرة”.
يُذكر أن مشروع الجزيرة يُعد من أكبر مشروعات الري في العالم، ويُعتبر ضرورياً من أجل الإنتاج الزراعي في البلاد بأسرها وليس داخل الولاية فقط.