تسببت تصريحات الحاخام الأكبر لليهود السفارديم في إسرائيل (طائفة اليهود الشرقيين)، إسحاق يوسف، بشأن تجنيد اليهود المتشددين (الحريديم)، في جيش الاحتلال ردود فعل عاصفة في الأوساط السياسية بإسرائيل الأحد 10 مارس/آذار 2024.
حيث هدد إسحاق يوسف في حديث للقناة (12) الإسرائيلية، بأنه في حال أُجبر الحريديم على الخدمة العسكرية فإنهم سيسافرون جميعهم إلى الخارج، وعادت مسألة تجنيد اليهود المتشددين إلى الواجهة مجدداً في إسرائيل، وباتت تهدد بقاء حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
جدل تجنيد اليهود المتشددين
رداً على ذلك، قال زعيم المعارضة يائير لابيد، في تصريح لإذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي بشأن رفض تجنيد اليهود المتشددين: “إذا سافروا إلى الخارج، فسيكتشفون أن هناك حريديم يعملون من أجل كسب لقمة العيش، ويعلمون أن أحداً لن يمولهم”.
كما أضاف لابيد أن “الحريديم الذين هم في سن مناسبة للتجنيد هم بالضبط ما يفتقر إليه الجيش الإسرائيلي حالياً، ويجب علينا تجنيدهم”.
في تدوينة على حسابه بمنصة “إكس”، قال لابيد: “لن نسمح لهم (في الحكومة) بإرسال جمهور كامل إلى غزة، ونحن جميعاً نحمل العبء نفسه”. وتابع: “أولئك الذين لن يؤدوا الخدمة العسكرية لن يحصلوا على أموال من الدولة”.
من جانبه، قال بيني غانتس الوزير بمجلس الحرب الإسرائيلي، على منصة “إكس” تعليقاً على رفض تجنيد اليهود المتشددين: بعد ألفي عام من المنفى عدنا إلى بلادنا، سنقاتل من أجلها ولن نتخلى عنها أبداً”، وأضاف رئيس حزب “معسكر الدولة” أن كلمات الحاخام يوسف “ضرر أخلاقي للدولة والمجتمع الإسرائيلي”.
كما طالب غانتس، الجميع بـ”المشاركة في الحق المقدس في الخدمة العسكرية والنضال من أجل وطننا، خاصة في هذا الوقت العصيب، وضمن ذلك إخواننا الحريديم أيضاً”.
كذلك، لاقت تصريحات الحاخام الأكبر لليهود الشرقيين انتقادات من قبل الائتلاف الحاكم. وقال حزب “الصهيونية الدينية” بزعامة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش: “الخدمة العسكرية وصية عظيمة”.
أضاف في بيان: “نحن ممتنون لشرف خدمة شعب إسرائيل من خلال دراسة التوراة ومساعدة إسرائيل في أوقات الحاجة”. وأشار إلى أنه “بعد ألفي عام من المنفى، لن نغادر أبداً أرضنا”، على حد قوله.
وزير المالية أكد أيضاً أن “الجمهور الذي يرغب في دفع حياته من أجل أرض إسرائيل لن يتخلى عنها تحت أي ظرف من الظروف”.
من جانبه، قال حزب “عوتسما يهوديت” (قوة يهودية) الذي يرأسه وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير: “لا نؤمن بإجبار الجمهور الحريدي على التجنيد، ويجب أن يتم ذلك من منطلق التفاهم والمحبة”. واعتبر أنه من الممكن حل كثير من الجدل من خلال التوظيف المناسب في الشرطة والحرس الوطني.
كذلك، اعتبر أفيغدور ليبرمان رئيس حزب “يسرائيل بيتينو”، في منشور على منصة “إكس”، أنه “من العار أن يستمر الحاخام إسحاق يوسف والحريديم في الإضرار بأمن إسرائيل والتصرف بما يتعارض مع الشريعة اليهودية”.
في المقابل قال حزب “ديغيل هتوراه” الذي يشكل أحد فصيلي حزب “يهدوت هتوراه”(7 مقاعد من أصل 120 بالكنيست) الشريك في الائتلاف الحكومي، في بيان، إن “الحاخام إسحاق يوسف على حق، وليس لدينا الحق في الوجود كأمة على أرض إسرائيل بدون دارسي التوراة”.
كما أوضح أن “هذه التوراة منحتنا القوة خلال آلاف السنين من المنفى والمتاعب التي عانيناها، وجعلتنا نصمد حتى عدنا إلى بلادنا”.
فيما هاجم حزب “شاس” (11 مقعداً بالكنيست) رئيس المعارضة لابيد، وقال في بيان: “اخلع نعليك قبل أن تتحدث باستخفاف عن الحاخام الأكبر، الذي عبر عن رأي واضح وحاسم بشأن الحق الهائل لدارسي التوراة الذين يدافعون عن الأرض”.
صراع بين المتشددين و”العلمانيين” في إسرائيل
كانت القناة “12” العبرية الخاصة نقلت السبت 9 مارس/آذار، عن يوسف قوله: “إذا أجبرونا على الالتحاق بالجيش، فسنسافر جميعاً إلى خارج البلاد، نشتري التذاكر ونذهب”، في إشارة إلى المتدينين.
كما أضاف الحاخام الأكبر: “كل هؤلاء العلمانيين لا يفهمون أنه بدون المدارس الدينية لم يكن الجيش لينجح، فالجنود لم ينجحوا إلا بفضل أهل التوراة”.
تجدر الإشارة إلى أنه لدى إسرائيل حاخامان رئيسيان، أحدهما يمثل طائفة السفارديم (الشرقيين)، والآخر يمثل طائفة الأشكناز (الغربيين)، ويطلق عليهما الحاخامان الأكبران.
يتولى كل منهما منصبه لـ10 سنوات، في انتخابات يشارك فيها 150 شخصاً من الحاخامات ورؤساء بلديات ومجالس محلية ووزراء وأعضاء كنيست.
عادةً ما يكون حاخام السفارديم من حزب “شاس” الديني، في حين يكون حاخام الأشكناز من تحالف أحزاب “يهودوت هتوراه”، والحزبان ضمن حكومة بنيامين نتنياهو الحالية.
بينما لطالما كانت مسألة تجنيد اليهود المتشددين الذين يتهربون من الخدمة العسكرية بدعوى التفرغ لدراسة التوراة، ملفاً شائكاً في المجتمع الإسرائيلي.
حيث تسعى الحكومة الإسرائيلية إلى إقرار مشروع قانون يستثني الحريديم من الخدمة العسكرية، ويزيد مدة الخدمة الإلزامية من 32 شهراً إلى 36 شهراً، مع تطبيق ذلك أيضاً على المجندين حالياً.