قال مصدران أمنيان مصريان إن مصر تجري اتصالات مع عدد من كبار الشخصيات في كل من حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) وإسرائيل ووسطاء آخرين يوم الأحد 10 مارس/آذار 2024، في محاولة لاستئناف المفاوضات بشأن هدنة في غزة خلال شهر رمضان، وذلك في ظل تعثر الوصول إلى صيغة مقبولة من جانب الحركة والاحتلال لوقف الحرب الدائرة في القطاع منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.
محاولة لاستئناف المفاوضات بشأن هدنة في غزة
أضاف المصدران أن الاتصالات المصرية مع حماس وجهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) جرت الأحد، بتفويض من الرئاسة المصرية، في محاولة للتقريب بين المواقف المتباينة للجانبين، دون تقديم مزيد من التفاصيل.
وتحاول قطر ومصر والولايات المتحدة التفاوض على اتفاق لوقف إطلاق النار خلال شهر رمضان مقابل إطلاق سراح الرهائن الذين خطفهم مقاتلو حماس من إسرائيل خلال هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول الذي أشعل فتيل الحرب في غزة. وانتهت قبل أيام في القاهرة أحدث جولة من المحادثات في غياب وفد لإسرائيل.
وقال الموساد السبت، إن الجهود الرامية للتوصل إلى الاتفاق مستمرة، على الرغم من تضاؤل الآمال في الوصول إلى هدنة قبل بدء شهر رمضان؛ حيث ذكر بيان صادر عن جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) السبت أن الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في غزة مستمرة، على الرغم من تضاؤل الآمال في التوصل إلى هدنة خلال شهر رمضان.
وأضاف الموساد في بيان وزعه مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن رئيس الموساد ديفيد برنياع التقى أمس الجمعة، بنظيره الأمريكي وليام بيرنز لبحث اتفاق يؤدي إلى إطلاق سراح الرهائن.
وقال الموساد: “الاتصالات والتعاون مع الوسطاء مستمر طوال الوقت، في محاولة لتضييق الفجوات والتوصل إلى اتفاقات”.
تبادل الاتهامات بين حماس وإسرائيل
في حين تتبادل إسرائيل وحماس اللوم في توقف المحادثات، وقال مصدر من حماس لرويترز إن “من غير المرجح” أن يزور وفد من الحركة القاهرة مرة أخرى في مطلع هذا الأسبوع لإجراء محادثات.
وتتوسط مصر والولايات المتحدة وقطر في مفاوضات الهدنة منذ يناير/كانون الثاني. وأدى اتفاق سابق وحيد إلى وقف القتال لمدة أسبوع في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 أطلقت خلاله حماس سراح ما يزيد على 100 رهينة في حين أطلقت إسرائيل سراح نحو ثلاثة أمثال هذا العدد من السجناء الفلسطينيين.
وتحمل حماس مسؤولية تعثر المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار والإفراج عن 134 رهينة لإسرائيل، قائلة إنها ترفض تقديم ضمانات بإنهاء الحرب أو سحب القوات من قطاع غزة.
وقال الموساد إن حماس تتمسك بموقفها وتسعى لتصعيد العنف في المنطقة خلال شهر رمضان. وقال مسؤولون إسرائيليون إن الحرب لن تنتهي إلا بالقضاء على حماس التي وصف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو شروطها لوقف إطلاق النار بأنها “وهمية”.
حماس تتعهد بالقتال
في بيان صدر بمناسبة قرب شهر رمضان، تعهد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية بأن يواصل الفلسطينيون قتال إسرائيل “حتى نيل الحرية والاستقلال”.
وبعد مرور خمسة أشهر على بداية الهجوم الجوي والبري المتواصل الذي تشنه إسرائيل على غزة، قالت سلطات الصحة الفلسطينية إن ما يقرب من 31 ألف فلسطيني قتلوا وأصيب أكثر من 72500 آخرين، كما يُخشى من بقاء آلاف غيرهم قتلى تحت الأنقاض.
واندلعت الحرب بعد أن شنت حماس هجوماً في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 على جنوب إسرائيل؛ مما أدى وفقاً للإحصاءات الإسرائيلية إلى مقتل 1200 شخص وخطف 253 رهينة.
وشارك آلاف الإسرائيليين في احتجاجين في تل أبيب. وأغلق بعض المحتجين طريقاً سريعاً في احتجاج مناهض للحكومة قبل أن تبعدهم الشرطة، بينما قاد الاحتجاج الثاني أسر الرهائن المحتجزين في غزة.
وقالت أجام جولدستين، وهي فتاة أُطلق سراحها من غزة مع والدتها وشقيقيها في نوفمبر/تشرين الثاني، في كلمة خلال احتجاج أسر الرهائن: “لا يزال الألم والغضب يسريان في دمي.. لكن علي تنحية ذلك جانباً وتوجيه حديثي إلى حماس. لو بقي بداخلكم بعض من الإنسانية، أطلقوا سراح الرهائن”.
مساعدات إلى غزة
في سياق متصل، فقد انتهى عاملون في مؤسسة خيرية يوم الأحد من تحميل مساعدات إغاثة موجهة إلى غزة على متن سفينة في قبرص في إطار جهد دولي لتدشين ممر بحري لمساعدة الفلسطينيين الذين باتوا على شفا المجاعة.
وقالت الولايات المتحدة أيضاً إن الجيش الأمريكي سيبني رصيفاً عائماً مؤقتاً قبالة ساحل غزة لجلب المساعدات، لكنها لا تخطط لنشر قوات أمريكية على الأرض.
وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي دانيال هاغاري إن إسرائيل تنسق مع الولايات المتحدة فيما يتعلق برصيف شحن المساعدات “بعد أن تخضع للتفتيش الإسرائيلي الكامل” ليتم تسليمها إلى المدنيين في غزة من خلال المنظمات الدولية.
قصف إسرائيلي لبرج سكني
في تصعيد للضغوط على آخر منطقة في قطاع غزة لم تشهد اجتياح القوات الإسرائيلية، قصفت إسرائيل واحداً من أكبر الأبراج السكنية في مدينة رفح السبت، وتعرض المبنى المكون من 12 طابقاً، والذي يبعد نحو 500 متر من الحدود مع مصر، لأضرار جراء الهجوم. وقال السكان إن عشرات الأسر صارت بلا مأوى، دون الإبلاغ عن وقوع إصابات. وقال الجيش الإسرائيلي إن هذا المبنى كانت تستخدمه حماس للتخطيط لشن هجمات على الإسرائيليين.
وقال أحد سكان البرج الذي كان يعيش به نحو 300 شخص لرويترز إن إسرائيل أعطتهم تحذيراً وأمهلتهم 30 دقيقة للفرار من المبنى ليلاً.
وقال محمد النبريس “اتفاجأنا بالليل حارس البرج أجى بيطبل عالشقق (يقرع أبواب الشقق) ويقول الحقوا اخلوا البرج… أطفالنا وقعت عالدرج ونساءنا وقعت، مرات صاحب إلي جاري حامل في شهرها التاسع وقعت عالدرج. صارت حالة هلع وحالة خوف. قال اخلوا البرج خلال نص ساعة.. الناس نسيت حالها ومالها”.
وعبر سكان عن خشيتهم من أن يكون ضرب البرج في رفح مؤشراً على هجوم إسرائيلي وشيك على المدينة التي يحتمي بها ما يزيد على نصف سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.
وأعلنت حماس السبت أسماء أربعة من الرهائن الإسرائيليين قالت إنهم قتلوا في غارات إسرائيلية على القطاع، لكنها لم تقدم دليلا على ذلك. وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي أحجم عن التعليق على هذا الإعلان، قد اعتبر في وقت سابق أن المقاطع المصورة التي تنشرها حماس عن الرهائن هي من باب الحرب النفسية.
وأدى الهجوم الإسرائيلي إلى كارثة إنسانية في القطاع الفلسطيني الذي تحول جزء كبير منه إلى أنقاض ونزح معظم سكانه، كما حذرت الأمم المتحدة من تفشي الأمراض والمجاعة.
وقال أشرف القدرة المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة إن ثلاثة أطفال فلسطينيين توفوا ليلاً، بسبب الجفاف وسوء التغذية في مستشفى الشفاء في شمال القطاع. وأضاف أن ذلك رفع عدد الفلسطينيين الذين توفوا لأسباب مماثلة خلال 10 أيام إلى 25 شخصاً.
جدير بالذكر أنه ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرباً مدمرة على قطاع غزة، خلفت عشرات آلاف الضحايا معظمهم أطفال ونساء، فضلاً عن كارثة إنسانية غير مسبوقة وتدهور ملحوظ في البنى التحتية والممتلكات، وفق بيانات فلسطينية وأممية؛ ما أدى إلى مثول إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بدعوى “الإبادة الجماعية”.