اتَّهم نواب كبار في البرلمان الأوروبي المفوضيةَ الأوروبية بتمويل “الزعماء المستبدين” على إثر المزاعم بأن مبلغ 150 مليون يورو (164 مليون دولار) الذي قدمته المفوضية لتونس العام الماضي في صفقة -لتعزيز التنمية ومكافحة الهجرة غير النظامية- آل مباشرة إلى أيدي الرئيس قيس سعيّد.
حسب تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية، الخميس 14 مارس/آذار 2024، فقد شنَّت مجموعة من نواب البرلمان الأوروبي في “لجنة الحريات العامة والعدالة والشؤون الداخلية” هجوماً لاذعاً على السلطة التنفيذية للاتحاد الأوروبي (المفوضية الأوروبية)، معربين عن مخاوفهم من التقارير التي تفيد بأن رئيسة المفوضية، أورسولا فون دير لاين، توشك على إبرام صفقة شبيهة مع مصر.
الصفقة المصرية
من جابه، أكَّد وزير الهجرة اليوناني، ديميتريس كيريديس، مساء الأربعاء 13 مارس/آذار، أن الاتحاد الأوروبي ومصر عقدا صفقة بالفعل، واتفقا أن يكون الإفصاح الرسمي عنها في إعلان مشترك بُعيد زيارة فون دير لاين وزعماء اليونان وإيطاليا وبلجيكا إلى القاهرة يوم الأحد 17 مارس/آذار.
وزير الهجرة اليوناني، قال لصحيفة The Guardian البريطانية إن الاتفاق ينص على حصول مصر على حزمة مساعدات بقيمة 7.4 مليار يورو (8 مليارات دولار) “معظمها في هيئة قروض” في مقابل “التزام البلاد بالعمل بجديةٍ أكبر على مواجهة الهجرة” غير النظامية. وزعم كيريديس أنه قال لزملائه: “لقد قلت مراراً لزملائي إنه لا بد لنا من دعم مصر؛ لأنها ساعدتنا كثيراً في إدارة ملف الهجرة، ولها أهمية كبيرة في الحفاظ على الاستقرار في شمال أفريقيا وفي الشرق الأوسط عموماً”.
كما أوضح كيريديس، الذي أجرى محادثات مع السفير المصري لدى اليونان يوم الأربعاء، أنه على الرغم من ارتفاع عدد المهاجرين الوافدين إلى الجزر اليونانية الجنوبية من ليبيا هذا العام، فإن أياً من قوارب الهجرة لم تخرج مباشرة من مصر، فهي “لا تستضيف فقط 9 ملايين لاجئ، بل نجحت بفاعليةٍ كبيرة في السيطرة على الهجرة غير الشرعية”.
أزمة داخل الاتحاد الأوروبي بسبب تونس
في غضون ذلك، اتهم نواب البرلمان الأوروبي المفوضيةَ بالتهرب من الإجابة عن الأسئلة المتعلقة بالصفقة مع تونس، وأبدوا مخاوفهم من أن المفوضية تبحث مجموعة من الصفقات “المخصصة لأغراض معينة” مع دول أفريقية أخرى دون اعتبار لأحوال الديمقراطية وسيادة القانون في تلك البلدان.
منير ساتوري، النائب الفرنسي بالبرلمان الأوروبي وعضو لجنة الشؤون الخارجية، صرح بهذا الخصوص قائلاً: “يبدو أننا عازمون على تمويل المستبدين في جميع أنحاء المنطقة. ليست هذه أوروبا التي نريدها. ولا هذه هي المكانة التي ينبغي أن يتبوأها الاتحاد الأوروبي في العالم”.
المفوضية الأوربية، كنت قد تعهدت العام الماضي بأن تمنح تونس 150 مليون يورو ضمن اتفاق واسع تشمل أهدافه الحدَّ من زيادة الهجرة إلى إيطاليا ومكافحة تهريب البشر، وكان المفترض أن تستثمر هذه الأموال مباشرة في مشروع متفق عليه مع الاتحاد الأوروبي، إلا أن ساتوري ادعى في مؤتمر صحفي أن هذه الأموال “نُقلت مباشرة إلى الرئيس التونسي”.
فيما قال نواب في البرلمان الأوروبي إنه على الرغم من أن تونس تشهد “تحولاً إلى الاستبداد” في عهد رئيسها قيس سعيّد، فإن المفوضين مضوا قدماً في الصفقة من دون اعتبار لذلك.
في المقابل، قال متحدث باسم مفوضية الاتحاد الأوروبي إن أعضاء البرلمان الأوروبي يحق لهم التعبير عن آرائهم، لكننا نرى أن الأجدر بنا هو بناء شراكات لتحسين الديمقراطية وحقوق الإنسان بدلاً من “قطع العلاقات” وترك الوضع يتدهور، و”نحن مطلعون على الانتقادات المتعلقة بحقوق الإنسان في تلك البلدان، ولا شك أننا نتناول هذه القضايا معهم”، لكن هناك “آليات محددة لمناقشة حقوق الإنسان مع دول المنطقة، ومنها مصر”.
مع ذلك، قالت سارة بريستياني، مديرة المناصرة في “الشبكة الأوروبية المتوسطية لحقوق الإنسان”، إنها تخشى أن الاتحاد الأوروبي على وشك ارتكاب خطأ “استراتيجي وسياسي” مماثل في القاهرة، فقد تعهد الاتحاد بتقديم مبالغ ضخمة من المال من دون شروط تنطوي على رقابة مالية كافية، ولا ضمانات بشأن حقوق الإنسان.