دعا فلسطينيون في داخل فلسطين والشتات إلى قيادة تمثيلية وثورية تناضل من أجل تحررنا الوطني، وتمثل الإجماع السياسي لشعبنا، وتنهي كل أشكال التعاون مع المستعمر.
وقالوا في بيان لهم نشرته وسائل إعلام فلسطينية السبت 16 مارس/آذار 2024، “متحدون، لن يهدأ لنا بال حتى نفكك أنظمة الهيمنة والاستعباد والفصل العنصري بأشكالها كافة، وننهي استعمار أرضنا وشعبنا نهائياً”.
وأكدوا في البيان: “لن ينتهي نضالنا حتى تُسترد غزة، وحتى تتحرر فلسطين بكامل ترابها”.
وجاء في نص البيان:
” إلى أهلنا في غزة
في البداية، نحيّيكِ يا غزّة ونحيّي شهداءنا البواسل. أنتِ قلب مسيرتنا النضالية، ولهذا يحاول العدو عبثاً كسر روحك المقاوِمة. لكنّ تضحيات شعبنا لن تُنسى ولن تذهب سدى.
إخواننا وأخواتنا في غزّة، وصل صوتكم للعالم. نعمل بكل ما هو متاح لإيقاف نزيفكم. نعمل الآن بكل طاقتنا لإنهاء حرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها شعبنا. نعمل على تكثيف وتفعيل آليات المحاسبة والمقاطعة الممكنة كافة، ومواجهة كل تواطؤ دولي مع النظام الصهيوني المجرم. نحشد اليوم على رفض العودة إلى الحصار الخانق والإجرام اليومي، الذي أصبح واقعاً، وساد قبل بداية الإبادة الجماعية القائمة.
يا شعب فلسطين في كل مكان
نمرّ اليوم بمراحل حاسمة وتاريخية في مسيرة شعبنا ونضاله للحرية، والتي لا عودة فيها إلى الوراء بعد هذه الإبادة الجماعيّة. بعد قرن من الاستعمار في فلسطين، ندخل الآن عصر التحرير، الذي بات فيه عدونا أوهن وأضعف مما سبق. إن غزة اليوم، أوقدت بدمائها ومقاومتها سبيل استعادة شعبنا حقه بحريته بكل عزة وكرامة وبثبات تاريخي يلهم كل من سعى لحرية في وجه ظلم.
إنّ النظام الصهيوني الاستعماري الذي يحتل أرضنا يعمل على توسيع حرب الإبادة الجماعية، ويواصل محاولاته لمحو وجودنا من وطننا من خلال إبادة غزة، وإرهاب وتهجير أهلنا من الضفة الغربية، وسجن وتعذيب وقتل أبناء شعبنا في كل أنحاء فلسطين التاريخية.
النصر حتمي ما دامت مقاومة شعبنا حية في وجه هذا الاستعمار
بعد أكثر من قرن من الاستعمار الصهيوني في بلادنا، وبعد 75 عاماً من النكبة المستمرّة والفصل العنصري، لا يزال وجود شعبنا الفلسطيني حياً وراسخاً في أرضه، مقاوماً المستعمر بكل أشكال وجوده. ومع حراك تضامني يتسع دولياً، فإن قضيتنا العادلة لا تزال في قلوب أحرار العالم أجمع كبوصلةٍ أخلاقيةٍ وجدانية صارخة لنضال الحرية والعدل والكرامة.
ومع كلّ جيل جديد، نجدد التزامنا نحو مشروعنا التحرري، فيما تتعمق وتتفاقم الأزمات في صلب وهيكلية النظام الصهيوني البنيوي على الأصعدة كافة.
يا شعبنا العظيم لا تنسَ انتصاراتك
أكد شعبنا في عام 2021 على عدالة قضيته، على الرغم من وحشية الكيان الغاشم وعدوانه. ففي انتفاضة الوحدة، نهضنا كشعب واحد بكرامة، وأظهرنا حقيقة بسيطة للعالم أجمع: أن الشعب الفلسطيني هو شعب واحد، ونحن ننتمي إلى فلسطين وطننا بكامل ترابها، وستفشل الجهود الاستعمارية لتجزئة وتفتيت وجودنا كما فشلت أمام كل نضالات التحرر الوطني في التاريخ.
أما في عام 2023، فأظهرنا أننا قادرون على مفاجأة المستعمر، محطمين أسطورته العسكرية، كما قوضنا افتراضه بأن استعمار أرضنا وشعبنا يمكن أن يستمر بلا أي تكلفة.
اليوم، غزة على خط المواجهة، لكنها ليست وحدها. يقود الفلسطينيون نضالنا في الشوارع، بين التلال وفي باطن الأرض وفي المنابر الدولية وفي السجون وفي مخيمات اللاجئين، تحدياً للنظام الصهيوني في جميع أنحاء فلسطين المستعمرة وفي العالم. إن شعبنا اليوم يواجه قوى استبدادية عالمية تحاول إسكاتنا، وفي فلسطين، يحاول النظام الإجرامي وعملاؤه زرع الخوف من خلال اعتقال وتعذيب الآلاف واغتيال مناضلينا، في سعي يائس لكسر إرادة شعبنا في الحياة.
وعلى الرغم من ذلك كله، باتت أصواتنا أعلى وأقوى من أي وقت مضى، مطلقة العنان لأصداء عدالة قضيتنا في جميع أنحاء العالم. إننا ننتفض اليوم في مواجهة الإبادة الجماعية التي يمارسها العدو بشكل همجي على شعبنا في غزة بدعم وتواطؤ قوى عالمية، وأولها الولايات المتحدة التي توفر كل وسائل الدعم العسكري والسياسي والدبلوماسي لكي يُمعن العدو بدماء أهلنا وأطفالنا.
يدرك حلفاؤنا في العالم، وخاصة في جنوب أفريقيا، أن رياح التغيير باتت أكبر من أي وقت سبق، ونحن بهذه اللحظة التاريخية في نضال مشترك نحو نظام عالمي جديد أكثر عدلاً، مبني على القيم وليس على الهيمنة الغربية.
وبينما يناضل شعبنا من أجل كرامته، تستمر قوات الأمن في خدمة المصالح الإسرائيلية بدلاً من حماية شعبنا، فيما تحافظ الأنظمة العربية القمعية على التطبيع والتواطؤ، وتنشغل الطبقة السياسية الفلسطينية الحائرة والفاقدة لأي شرعية بإيجاد طرق جديدة للانتقاص من قضيتنا العادلة والتنازل عن حقوقنا.
في سبيل تجسيد مصالح الاحتلال والإبقاء على النظام الصهيوني، سيحاولون استرضاءنا والتلاعب بنا لقبول أوهام الدولة والاستقلال من خلال إعادة تغليف نظام “الأبارتيد” تحت ستار “حل الدولتين”، المبني على إبقاء السيطرة الأمنية والاحتلال بمسميات جديدة. وسيتحدثون عن “اليوم التالي” في غزة بزعم دعم ومساعدة شعبنا.
لا مجال اليوم للمغالطات. إن عروض “الدولة الفلسطينية” مجرد وهم، ولن تكون هناك سيادة فلسطينية دون تفكيك الصهيونية. إن شعبنا يناضل من أجل العدالة، ولن يرضى بما دون ذلك. ما هذه العروض إلا استمراراً للنظام الاستعماري الإجرامي والعنصري بصيغ جديدة. لذلك، فإن تقسيم فلسطين والقبول بأوهام الدولة ليس إلا شرعنة للصهيونية، وخيانة لشعبنا، وإكمالاً نهائياً للنكبة.
ورغم هذا الفساد الأخلاقي والسياسي لما يسمى بالقيادة، فإننا، نحن الشعب الفلسطيني، ما زلنا نؤكد أن نضالنا التحرري هو من أجل مستقبل الحرية والعودة والعدالة والكرامة بين النهر والبحر في كل فلسطين.
إن تحررنا لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال وحدة النضال المبنية على وحدة الشعب ووحدة الأرض. ولذلك ندعو جميع الفلسطينيين، البالغ عددهم 14 مليون نسمة في كل مكان -في فلسطين وفي محيطها، في المنفى البعيد والقريب- إلى الاتحاد تحت راية العمل النضالي. فلا يمكن أن يكون هناك “حل” دون عودة لاجئينا إلى وطنهم الأبدي الذي يتوق إليهم. ولا يمكن أن يكون هناك سلام دون عدالة. لا يمكننا أبداً أن نتعايش مع الاستعمار الصهيوني الذي يعد جريمة ضد الإنسانية جمعاء.
يا شعب فلسطين الحر
فلسطين لم ولن يتم تقسيمها أبداً. فلسطين هنا، حيث كانت دائماً وستكون. نريد بلادنا حرة ومزدهرة. نريد لمّ شمل شعبنا، وعودة اللاجئين إلى ديارهم، وتوحيد أرضنا ورتقها، وبناء مستقبلنا معاً. وستكون فلسطيننا المحررة، بعودة لاجئيها، منارة للإنسانية جمعاء، ترحب بكل من يريد أن يعيش فيها على مبادئ المساواة، وسعياً وراء الحرية والعدالة في كل مكان.
قضيتنا قضية عادلة.. ندعو أصحاب الضمير كافة لتبنّيها
إننا ندعو إلى قيادة تمثيلية، كفئة، وثورية تناضل من أجل تحررنا الوطني وتمثل الإجماع السياسي لشعبنا، وتنهي كل أشكال التعاون مع المستعمر.
متحدون، لن يهدأ لنا بال حتى نفكك أنظمة الهيمنة والاستعباد والفصل العنصري بأشكالها كافة، وننهي استعمار أرضنا وشعبنا نهائياً.
ولن ينتهي نضالنا حتى تسترد غزة، وحتى تتحرر فلسطين بكامل ترابها.
فلسطين هي وحدة الأرض، ووحدة الشعب، ووحدة النضال.
تحيا فلسطين موحّدة، يحيا الشعب الفلسطيني”.
وتقيد إسرائيل إدخال المساعدات إلى غزة، ما أدى إلى شح في إمدادات الغذاء والدواء والوقود وأوجد مجاعة بدأت تحصد أرواح أطفال ومسنين في القطاع، الذي يقطنه نحو 2.3 مليون فلسطيني، بينهم نحو مليوني نازح جراء الحرب، وتحاصره إسرائيل منذ 17 عاماً.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرباً مدمرة على غزة، خلّفت عشرات آلاف الضحايا المدنيين، معظمهم أطفال ونساء، بحسب بيانات فلسطينية وأممية، ما أدى إلى مثولها أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب “إبادة جماعية”.