نقلت وكالة بلومبرغ الأمريكية عن 10 دبلوماسيين ومسؤولين، السبت 16 مارس/آذار 2024، أن الاستثمار المالي الإماراتي الضخم في مصر مؤخراً يهدف إلى تحقيق الأهداف الاستراتيجية لأبوظبي، إذ تفكر العاصمة الإماراتية في كيفية جني الأموال مع بناء النفوذ السياسي.
وستضخ الإمارات “35 مليار دولار استثمارات مباشرة” في غضون شهرين في مصر، بموجب اتفاق تطوير منطقة رأس الحكمة، الذي وقع بين الحكومتين المصرية والإماراتية، فيما وصف بأكبر استثمار أجنبي في تاريخ مصر.
ومطلع الشهر الحالي، تسلمت مصر الدفعة الأولى المتفق عليها من قِبل البلدين، والمقدرة قيمتها بـ15 مليار دولار، وهي 10 مليارات سيتم تحويلها مباشرة، إضافة إلى 5 مليارات تشكل جزءاً من وديعة إماراتية لدى البنك المركزي.
الأهداف الجيوستراتيجية
الوكالة أوضحت في تقرير أنه من خلال توظيف مبلغ يعادل 7% من ناتج الإمارات المحلي الإجمالي، تسعى دولة الإمارات عبر مزيج من القوة المالية والأهداف الجيوستراتيجية إلى الحصول على دور رئيسي في تشكيل الأحداث في المنطقة وخارجها.
تقرير الوكالة أشار إلى أن الاستثمار يأتي في وقت تتنافس أبوظبي على النفوذ مع القوى الخليجية الأخرى السعودية وقطر، مع تضاؤل النفوذ الأمريكي باحتدام الحرب بين إسرائيل وحماس، التي تمثل تحدياً جديداً في جزء من العالم مهم لإنتاج الطاقة وخطوط الإمداد.
وأعطى رئيس الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الضوء الأخضر بسرعة لدعم بلد كان في قلب انتفاضات عام 2011 التي أطاحت بأنظمة في المنطقة، وفقاً لأشخاص مطلعين على القرار، طلبوا عدم الكشف عن هويتهم.
من جهتها، قالت ابتسام الكتبي، رئيسة مركز الإمارات للسياسات، وهو مركز أبحاث مقره أبوظبي “إن تفاقم التحديات الاقتصادية في مصر ليس في مصلحة الإمارات”.
فيما أشارت بلومبرغ إلى أن “الهدف هو ضمان الاستقرار وتجنب عودة الجماعات الإسلامية مثل جماعة الإخوان المسلمين، التي تزدهر في أوقات الاضطرابات”.
صندوق النقد
وفاجأ توقيت الصفقة وحجمها والتسليم السريع للأموال الأسواق المالية، وحتى صندوق النقد الدولي، وفقاً للوكالة.
إلى ذلك قالت 3 مصادر أخرى للوكالة إن الصندوق، الذي كان من المتوقع أن يكون المورد الرئيسي للتمويل الطارئ لمصر، لم يكن على علم بالمناقشات في بدايتها.
وتظهر الصفقة رغبة الإمارات في “المشاركة في حزمة الإنقاذ الاقتصادي التي وضعها المجتمع الدولي لأسباب جيوسياسية، والحفاظ على استقرار مصر والمنطقة”، كما قال زياد بهاء الدين، نائب رئيس الوزراء المصري السابق والرئيس السابق لهيئة الاستثمار.
من جانبه، قال ريكاردو فابياني، مدير مشروع شمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، إن استثمار رأس الحكمة ليس فقط صفقة جيدة مالياً للإمارات بل أيضاً وسيلة لزيادة النفوذ على مصر”، رغم إقراره أنه من غير المرجح أن تغير الصفقة مواقف القاهرة بشأن الأزمات في السودان وليبيا المجاورتين، حيث تختلف مع الإمارات.
هذا ويشكك محللون بأن تتأثر عملية صنع القرار في القاهرة بالدعم المالي الهائل للإمارات، إذ إن “المساعدات المالية أو الاستثمار لا تترجم تلقائياً إلى نفوذ سياسي أو دبلوماسي” وفق ما نقلت بلومبرغ عن ميريت مبروك، الزميلة البارزة في معهد الشرق الأوسط، ومقره واشنطن.