انتقد رئيس الوزراء الماليزي، أنور إبراهيم، موقف الدول الغربية من الحرب الإسرائيلية المتواصلة منذ أشهر على قطاع غزة، مقارنة بموقفها تجاه الحرب الروسية على أوكرانيا، واصفاً هذا الموقف بـ”النفاق”، موضحاً أن الانتهاكات بحق الفلسطينيين على مدار عقود، كانت نتيجة لأحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وفي مقابلة مع قناة Dw الألمانية في برلين، الجمعة 15 مارس/آذار 2024، انتقد إبراهيم الدول الغربية مثل ألمانيا “لفشلها في استخدام نفوذها لحمل إسرائيل على وقف القتال”.
وأضاف: “أنا أتحدث عن مشاعر وأحاسيس العديد من الناس في الجنوب العالمي، الذين يريدون السلام ويريدون العدالة، ولا يريدون أن يروا ممارسات تمييزية أو أحكاماً تختلف حسب المناطق أو الانحياز”.
وتابع: “لهذا أصف الأمر بالنفاق، لأنهم يبدون صارمين للغاية عندما يتعلق الأمر بأوكرانيا. وقد أعربنا عن وجهة النظر نفسها هناك، وهي أننا ضد أي عدوان وأي غزو من أي دولة”.
وتساءل إبراهيم: “لماذا من الصعب للغاية أن يطالبوا حتى بوقف إطلاق النار في غزة؟ وكيف يمكنك التسامح مع 60 عاماً من الفظائع ونزع الممتلكات ومصادرة الأراضي؟”.
وأمضى رئيس الوزراء الماليزي حديثه خلال اللقاء قائلاً: “هذا هو الأمر الوحيد الذي كنت أناشد الغرب ليضعه في الاعتبار. وقد تحدثنا في الوقت ذاته عن التقارب، والتفاهم بين الشرق والغرب، واحترام التعددية الثقافية”، مؤكداً أنه “يجب أن لا تسير الأمور بهذه الطريقة، لأن الناس ستزيد خيبة أملهم وتنعدم ثقتهم بالقادة السياسيين”.
فضائع الاحتلال
كما طرح إبراهيم أسئلة عدة تُظهر إدانته لما يحدث من انتهاكات بحق الفلسطينيين على مدار عقود، حيث قال: “ماذا عن الاستعمار على مدار الأعوام الـ50 أو الـ60 الماضية؟ ماذا عن نزع الممتلكات؟ ماذا عن مصادرة الأراضي؟ وماذا عن قتل الأطفال بصفةٍ يومية على يد المستوطنين الذين يستولون على أراضي وممتلكات الناس؟ أليس هذا مرتبطاً بما يحدث؟ أم هل الإنسانية والعدالة والفظائع مرتبطةٌ بما حدث في السابع من أكتوبر/تشرين الأول فقط، ولا علاقة لها بشيء قبله؟ لماذا يستطيع الغرب التساهل مع 50 عاماً من هذه الفظائع الرهيبة؟”.
وزاد: “هذه أسئلةٌ يجب طرحها، فالناس ليسوا سذجاً. ولا يود أحدٌ أن يتغاضى عن الفظائع المرتكبة بواسطة أي أحد. ولكن في الدول التي تعرضت للاستعمار، وفي كل الحروب ضد الاستعمار على مر العقود والقرون، من فيتنام إلى الجزائر إلى الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، هل يتحدث أحدٌ عن الفظائع التي ارتكبها المناضلون من أجل الحرية؟ لا أحد يفعل ذلك. فلماذا نستثني حماس من هذه القاعدة؟ هذه هي الفكرة”.
واستكمل: “فهل أتغاضى عما حدث؟ لا. ولكن كيف يمكن منع حماس من ارتكاب الفظائع؟ بإنهاء الاستعمار أو الاستعمارية. لماذا نعجز عن النظر إلى القضية من زاويةٍ شاملة لحلها؟ لا أقصد من زاوية إملاءات عواصم أوروبا والولايات المتحدة، وليس كل العواصم الأوروبية لحسن الحظ، لكن لماذا؟ هذه هي الفكرة”.
“أنا لا أتغاضى عن أي فظائع”
وبيّن إبراهيم: “أنا لا أتغاضى عن أي فظائع. لكن الفكرة هي أنكم تبدون انتقائيين للغاية، كأنكم تعانون من فقدان الذاكرة الانتقائي. هذا يدفع الناس إلى التساؤل، ليس عليك سوى النظر إلى الرواية. هل السبب هو أنهم من ذوي البشرة الملونة؟ هل السبب هو أنهم مسلمون -رغم وجود العديد من المسيحيين في غزة؟ لكن لماذا؟ لماذا لا يمكنكم الحديث بلغةٍ متسقة ومتماسكة وشفافة؟”.
في سياق متصل قال إبراهيم: “لقد أقررت بصحة موقف ألمانيا الحالي الداعي إلى وقفٍ فوري لإطلاق النار وزيادة المساعدات الإنسانية إلى غزة. لكن هذا ليس كافياً بالتأكيد نتيجة صمتك على حقيقة استمرار الهجمات ضد الأبرياء في غزة تحت ذريعة قتال حماس”.
وتابع: “وبهذا تتحول حماس إلى مجرد مُسوِّغ، ولا يهم ما إذا كانوا موجودين أم لا، ولا يهم ما إذا كانوا قد قُتِلوا أم لا، بل المهم هو حقيقة إلحاق الدمار الكامل وقتل الأطفال والنساء والمدنيين”.
لهذا استخدم إبراهيم مصطلح “النفاق”، موضحاً: “أنا عاجز عن فهم أو تبرير ذلك. لكنني أقررت بصحة تصريحات المستشار الألماني التي دعت على سبيل المثال إلى وقف إطلاق النار، وإنهاء هذه الحرب، وإعادة الرهائن. لا بأس لدي في ذلك، ولا أمانع حدوثه. لكن ما سبب هذا الصمت والتساهل الكاملين مع الفظائع المستمرة قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول وبعده؟”.
كما أكد إبراهيم أن “رواية الغرب ليست مقبولةً في جميع أرجاء العالم. هذه هي الفكرة. لا يتعلق الأمر بماليزيا فحسب. لقد اخترت أن أقول ذلك، لأنني أعتقد أنها مسألة ضمير، وقد مررت بفترات عصيبة في حياتي وأعرف معنى الحبس الانفرادي ومعنى الظلم. لهذا رأيت أنه لا مفر من قول الأمور التي يريد العديد من زملائي قولها، لكنهم لم يفعلوا بسبب الخوف أو الشواغل أو الرغبة في النجاة الاقتصادية أو أياً كانت الأسباب”.