حذرت مؤسسة خيرية طبية رائدة من توقف عمليات الإجلاء الطبي من شمال غزة منذ أكثر من شهر، ما يترك الأشخاص المصابين بجروح خطيرة محاصرين في المستشفيات المتضررة، حيث لا يمكنهم الحصول على العلاج المناسب، حسب ما ذكرته صحيفة The Guardian البريطانية، الأحد 17 مارس/آذار 2024.
منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة ارتكب جرائمَ حرب باستهدافه لجميع مستشفيات القطاع المحاصر دون استثناء، كما استهدف المصابين والمرضى بالمستشفيات وعلى متن سيارات الإسعاف، حيث قتل العشرات منهم، وبعضهم كانوا في طريقهم لمغادرة غزة من أجل العلاج.
مرضى مهددون بالموت في شمال قطاع غزة
قال باتريك مونز، رئيس بعثة مؤسسة Cadus الخيرية الطبية الألمانية في غزة، إنَّ سيارات الإسعاف بحاجة إلى الوصول العاجل لشمال القطاع لنقل المرضى ذووي الحالات الأخطر للحصول على رعاية متخصصة.
إذ لا توجد وحدات للعناية المركزة تعمل في شمال غزة؛ لذلك يموت الفلسطينيون الذين أصيبوا بجروح خطيرة في الغارات الجوية الإسرائيلية والقتال على الأرض.
لكن العشرات من المرضى في المستشفيين الوحيدين العاملين في مدينة غزة استقرت حالتهم بعد بتر أطرافهم، أو رعاية الحروق الشديدة التي أصابتهم، ويمكنهم البقاء على قيد الحياة إذا تلقوا العلاج في رفح أو خارج غزة.
تعمل مؤسسة Cadus مع منظمة الصحة العالمية في محاولة لإيصال سيارات الإسعاف إلى الشمال لتنفيذ عمليات الإجلاء، والسفر مع قوافل المساعدات التابعة للأمم المتحدة التي تنقل الغذاء أو الإمدادات الطبية.
قال مونز رئيس بعثة مؤسسة Cadus الخيرية الطبية الألمانية: “الأشخاص الذين سننقلهم، على الأقل في بداية عملية الإجلاء، هم مرضى رعاية حرجة، لكن حالتهم مستقرة”، مشيراً إلى توقف عمليات الإجلاء الطبي منذ أكثر من شهر. وأكد: “كان يجب إجلاؤهم الأمس قبل اليوم”.
توقف عمليات الإجلاء الطبي
كما أوقفت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني عمليات الإجلاء بعدما تعرض موظفو القوافل الطبية لهجمات متكررة، إضافة إلى المضايقة والاحتجاز من القوات الإسرائيلية.
تجلَّت المخاطر التي يتعرض لها المسعفون، في أواخر يناير/كانون الثاني، عندما قُتِل شخصان أثناء محاولتهما الوصول إلى الطفلة هند رجب، البالغة من العمر ست سنوات، التي كانت محاصرةً في سيارة عائلتها في مدينة غزة ومحاطةً بجثث أقاربها القتلى بعد أن تعرضت لإطلاق النار.
فيما اتهمت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني قوات الاحتلال الإسرائيلي باستهداف سيارة الإسعاف عمداً، بعدما وافق جيش الاحتلال على مهمة الإنقاذ. وحتى بالنسبة لعمال الإغاثة الدوليين، فإنَّ السفر إلى مدينة غزة أمر خطير ويمثل تحدياً لوجستياً.
فقد أوقفت منظمة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) قوافل الغذاء، في فبراير/شباط، بعدما تعرضت إحداها لإطلاق نار من السفن الإسرائيلية، لكن الحاجة إلى إخراج المرضى صارت ملحة.
إذ قال مونز: “بالطبع نشعر بالخوف أيضاً، وأعتقد أنَّ هذا صحي… أن نفهم الخطر الذي نعرّض أنفسنا له، لكنني مستعد للذهاب، فمن المهم حقاً البدء بعمليات الإجلاء فوراً”.
الاحتلال يعرقل عمل المنظمات الدولية
لم يُسمَح لمؤسسة Cadus بإحضار سيارات الإسعاف الخاصة بها إلى غزة، رغم أنَّ الأمم المتحدة ووزارة الخارجية الألمانية تضغطان على الحكومة الإسرائيلية.
في الوقت الحالي تستخدم سيارات جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، “وهذا يزيد أيضاً من المخاطر، لأنَّ سيارات الإسعاف التابعة لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني استُهدِفَت بالفعل”، كما يقول مونز. وتحاول Cadus شراء سيارات نقل من طراز فولكس فاغن كرافتر، وتحويلها إلى سيارات إسعاف.
بينما يأمل مونز في تنفيذ عمليات الإجلاء الأولى هذا الأسبوع. وتقدم منظمة الصحة العالمية أسماء المرضى المقرر نقلهم إلى الجيش الإسرائيلي، ومن المتوقع أن تستغرق الموافقة عليهم من يومين إلى أربعة أيام، ثم يحدد الجيش الإسرائيلي موعداً ومساراً للإجلاء.
يوم الإثنين 11 مارس/آذار، وصل فريق Cadus في مهمة تجريبية إلى مستشفى الشفاء، وهو أحد اثنين لا يزالان يعملان بطاقة محدودة، ويخدمان ما يقدر بنحو 300 ألف شخص محاصرين في شمال غزة. ووصف عمال الإغاثة الوضع في شمال غزة بأنه “حصار داخل حصار”، مع انتشار الجوع و”جيوب المجاعة”.
بينما بدأت مؤسسة Cadus، التي عملت أيضاً في حالات الطوارئ في أوكرانيا والعراق وسوريا والبوسنة والبحر المتوسط مهمتها في غزة، في أوائل شهر فبراير/شباط، حيث افتتحت محطة لعلاج الصدمات في منطقة خان يونس.