تظاهر مئات اليهود المتشددين (الحريديم)، في القدس الغربية، مساء الإثنين 18 مارس/آذار 2024؛ رفضاً للخدمة العسكرية، ورددوا شعارات، بينها “نموت ولا نتجند في الجيش”، في حين تصدت لهم شرطة الاحتلال، واستعملت خراطيم المياه لتفريقهم.
ولطالما كان تجنيد “الحريديم” الذين يتهربون من الخدمة العسكرية بدعوى التفرغ لدراسة التوراة، ملفاً شائكاً في المجتمع الإسرائيلي.
وفي الآونة الأخيرة عاد الجدل إلى الواجهة بعد سعي حكومة اليمين بقيادة بنيامين نتنياهو، إلى إقرار مشروع قانون يستثني الحريديم من الخدمة العسكرية، ويزيد مدة الخدمة الإلزامية من 32 شهراً إلى 36، ما قوبل برفض واسع من المعارضة بقيادة يائير لابيد، الذي دعا إلى إعداد قانون تجنيد يلزم الحريديم بأداء الخدمة العسكرية أسوة بغيرهم.
اليهود المتشددين يحتجون
وفق صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، فقد “قام المئات من الحريديم بإغلاق الطرق عند تقاطع شارعي ساري يسرائيل ويافا في القدس مساء اليوم (الإثنين)؛ احتجاجاً على إمكانية الدفع بقانون التجنيد”.
وحاول الحريديم إغلاق “جسر الأوتار” (جسر القدس الصاري المعلق) عند مدخل مدينة القدس، وفق “يديعوت أحرونوت”.
فيما تصدت قوات الشرطة الإسرائيلية للمتظاهرين، واستخدمت سيارات المياه العادمة لتفريقهم، واعتقلت أحدهم.
وفق الصحيفة جلس بعض المحتجين على الطريق، ولوَّح آخرون بلافتات كُتبت عليها عبارات من قبيل “خذونا إلى السجن وليس إلى الجيش”، و”لدينا التوراة، بدون التوراة لا يوجد حق”، و”نموت ولا نتجند”.
بيان شرطة الاحتلال
من جانبها، قالت الشرطة الإسرائيلية في بيان: “بعدما لم يلتزم مثيرو الشغب بتعليمات رجال الشرطة في المكان، وقاموا بأعمال شغب وسدُّوا بأجسادهم محوراً مركزياً عند مدخل المدينة، بدأت القوات بتفريقهم وصدهم بالقوة”.
كما أضافت: “للأسف، نواجه مرة أخرى عملاً مداناً وقبيحاً ويستحق كل الإدانة، حيث صرخ بعض مثيري الشغب الذين واجهوا ضباط الشرطة ومقاتلي شرطة حرس الحدود، بهتافات مثل: نازيون، ولتموتوا في غزة، وأيها الإرهابيون”.
ووفق المعهد الإسرائيلي للديمقراطية (بحثي مستقل)، يبلغ عدد السكان الحريديم في إسرائيل نحو 1.335.000 نسمة، أي 13.6% من إجمالي السكان.
وتبلغ نسبة الشباب حتى سن 19 عاماً (سن التجنيد) بين الحريديم 58%، مقارنة بـ31% بين عامة السكان اليهود، وفق المصدر ذاته.
ويأتي هذا الجدل في وقت يشن فيه الجيش الإسرائيلي، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حرباً مدمرة على غزة؛ ما استدعى محاكمة تل أبيب للمرة الأولى أمام محكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة؛ بتهمة ارتكاب جرائم “إبادة جماعية” بحق الفلسطينيين.
الحاخام الأكبر يهدد
يأتي هذا التطور، بعد تصريح للحاخام الأكبر لليهود السفارديم في إسرائيل (طائفة اليهود الشرقيين) إسحق يوسف، السبت 16 مارس/آذار 2024، قال فيه إنه في حال أُجبر المتدينون على الخدمة العسكرية فإنهم سيسافرون جميعهم إلى الخارج.
فقد نقلت القناة “12” العبرية الخاصة عن يوسف، قوله: “إذا أجبرونا على الالتحاق بالجيش، فسنسافر جميعاً إلى خارج البلاد. نشتري التذاكر ونذهب”، في إشارة إلى المتدينين.
كما أضاف: “لا يوجد شيء من هذا القبيل، إن العلمانيين يضعون الدولة على المحك”. وتابع: “يجب أن يفهموا هذا، كل أولئك العلمانيين الذين لا يفهمون هذا الأمر”.
ولدى إسرائيل حاخامان رئيسيان، أحدهما يمثل طائفة السفارديم (الشرقيين)، والآخر يمثل طائفة الأشكناز (الغربيين)، ويطلق عليهما الحاخامان الأكبران. ويتولى كل منهما منصبه لـ10 سنوات، في انتخابات يشارك فيها 150 شخصاً من الحاخامات ورؤساء بلديات ومجالس محلية ووزراء وأعضاء كنيست.
وعادةً ما يكون حاخام السفارديم من حزب “شاس” الديني، في حين يكون حاخام الأشكناز من تحالف أحزاب “يهودوت هتوراه”، والحزبان ضمن حكومة بنيامين نتنياهو الحالية.
وشدد الحاخام يوسف: “عليهم أن يفهموا أنه بدون التوراة، بدون الكُلّية، بدون المدرسة الدينية، لن يكون هناك نجاح للجيش”. وأردف: “ما نجح فيه الجيش بفضل أبناء التوراة، فالجنود ناجحون بالتوراة”.
ويأتي هذا الجدل في وقت يشن فيه الجيش الإسرائيلي، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حرباً مدمرة على غزة؛ ما استدعى محاكمة تل أبيب للمرة الأولى أمام محكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة؛ بتهمة ارتكاب جرائم “إبادة جماعية” بحق الفلسطينيين.