تنصلت إسرائيل، التي تحاكَم بتهمة “الإبادة الجماعية” أمام محكمة العدل الدولية، من مسؤوليتها عن الجوع والمجازر بغزة، في ردها المرسل إلى المحكمة بخصوص طلب جنوب أفريقيا اتخاذ قرار تدابير جديدة، وذلك في الوقت الذي كشفت فيه صحيفة “إسرائيل اليوم” العبرية، الإثنين 18 مارس/آذار 2024، عن وصول نحو 35 ألف طن من الأسلحة والذخائر، غالبيتها من الولايات المتحدة، إلى إسرائيل على متن أكثر من 300 طائرة ونحو 50 سفينة، منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
إسرائيل تتنصل من مسؤوليتها عن الجوع والمجازر بغزة
أفادت “الأناضول” بأن إسرائيل قدمت ردها إلى المحكمة بشأن التدابير الجديدة التي طلبتها جمهورية جنوب أفريقيا بسبب تفشي الجوع في غزة. وفي بيانها المكتوب، الذي أعلنته محكمة العدل الدولية، تهربت إسرائيل من تحمُّل المسؤولية عن الجوع والمجازر في غزة.
واتهمت إسرائيل جنوب أفريقيا، التي طلبت إصدار قرار تدابير جديدة، بإساءة استخدام سلطة المحكمة.
ورفضت إسرائيل اتهامات جنوب أفريقيا لها بأن أحداث الجوع في غزة كانت “نتيجة مباشرة لأفعال إسرائيل المتعمدة وإهمالها، وأن إسرائيل استخدمت المساعدات الإنسانية كورقة مساومة من خلال خلق بيئة معادية وغير صالحة للعمل لوكالات الإغاثة”.
وزعمت إسرائيل أنها “تعمل بنشاط” مع الأمم المتحدة ودول ثالثة لحل مشكلة الغذاء في غزة، واتهمت جنوبَ أفريقيا بإساءة استخدام إجراءات التدابير المؤقتة للمحكمة، و”تجاهل بعض الحقائق وتشويه البعض الآخر بطريقة عدوانية ومتعمدة”.
واعتبرت إسرائيل أن قرار المحكمة الصادر في 26 يناير/كانون الثاني، يتضمن كل ما ورد في طلب جنوب أفريقيا، وطلبت رفض طلب التدابير الإضافية.
التضامن مع حماس
في حين قالت إسرائيل إن هدف جنوب أفريقيا هو “جذب الاهتمام السياسي باستمرار، وإظهار تضامنها المستمر مع حليفتها حماس”.
يذكر أنه في 6 مارس/آذار 2024، قدمت جنوب أفريقيا طلباً عاجلاً إلى محكمة العدل الدولية لتحديد تدابير احترازية إضافية وتعديل أمر المحكمة الصادر في 26 يناير/كانون الثاني 2024، وقرارها اللاحق في 16 فبراير/شباط الماضي، في القضية المرفوعة ضد إسرائيل، والمتعلقة بتطبيق اتفاقية منع ومعاقبة ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة.
وأوضحت محكمة العدل الدولية أن جنوب أفريقيا ذكرت في طلبها الجديد، أنها مضطرة إلى العودة للمحكمة في ضوء الوقائع الجديدة والتغييرات في الوضع على الأرض بغزة، لا سيما حالة المجاعة المنتشرة.
وهذا هو الطلب الثالث الذي تقدمه جنوب أفريقيا بحق إسرائيل إلى المحكمة، التي تعد أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة، منذ بدء تل أبيب حربها المدمرة على قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ورداً على القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا في 29 ديسمبر/كانون الأول 2023، أمرت محكمة العدل الدولية في 26 يناير/كانون الثاني 2024، تل أبيب باتخاذ “تدابير لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية بحق الفلسطينيين، وتحسين الوضع الإنساني في قطاع غزة”، الذي تحاصره إسرائيل منذ 17 عاماً. كما أمرتها بتقديم تقرير خلال شهر من صدور القرار بشأن مدى تطبيقها هذه التدابير.
وصول أسلحة أمريكية لإسرائيل
في سياق موازٍ كشفت صحيفة “إسرائيل اليوم” العبرية، الإثنين، عن وصول نحو 35 ألف طن من الأسلحة والذخائر، غالبيتها من الولايات المتحدة، إلى إسرائيل على متن أكثر من 300 طائرة ونحو 50 سفينة، منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وأضافت الصحيفة أن “جزءاً صغيراً من الشحنات جاء من دول عدة في أنحاء العالم، لكن المورد الرئيسي كان- ولا يزال- الولايات المتحدة”.
واعتبرت أن “شحنات الأسلحة والدعم الأمريكي الواضح سمحا للجيش الإسرائيلي بالقتال في غزة خلال الأشهر الخمسة الماضية، مع الحفاظ على استعداده للحرب في الشمال (ضد “حزب الله” في لبنان)”.
لكن الصحيفة استدركت قائلةً إن “كبار المسؤولين الأمنيين يشعرون بالقلق إزاء احتمال إبطاء الولايات المتحدة إرسال شحنات الأسلحة إلى إسرائيل، في ضوء التوتر المتزايد بين الحكومتين بشأن غزة”.
ونقلت عن مصادر إسرائيلية لم تسمها، أنه “منذ بداية الحرب، لم يكن هناك تباطؤ في إرسال شحنات الأسلحة، ولكن في الأيام الأخيرة تزايدت المخاوف بشأن إمداداتها وسط الخلافات القاسية بين كبار مسؤولي إدارة (الرئيس الأمريكي جو) بايدن ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو”.
دعم عسكري أمريكي لإسرائيل
منذ اندلاع الحرب، تقدم واشنطن لتل أبيب أقوى دعم عسكري واستخباراتي ودبلوماسي ممكن، حتى في ظل ما يظهر أنها خلافات بين بايدن ونتنياهو بشأن العدد الضخم من الضحايا المدنيين، وقيود تل أبيب على إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع الفلسطيني، فضلاً عن مستقبل غزة بعد الحرب.
وأضافت المصادر أن “الولايات المتحدة يمكنها أن تمارس أعمالها ظاهرياً كالمعتاد، لكنها في الواقع تبطئ إرسال الشحنات عبر خلق عقبات بيروقراطية عديدة دون أن تقول صراحة إنها تؤخر التسليم”.
وأفادت الصحيفة بـ”تزايد قلق المؤسسة الأمنية في الأيام الأخيرة بشأن إرسال الأسلحة والذخائر، وسط ما يبدو أنه تحوُّل في سياسة البيت الأبيض، الذي يحاول التمييز بين دعمه لإسرائيل ومواطنيها ودعمه لحكومة نتنياهو”.
وزادت بأن “الخلاف بين الطرفين يدور حول قضايا عدة، لكن بحسب مصادر مطلعة، فإن السبب الرئيسي لتصاعُد اللهجة هو انعدام الثقة التام بين إدارة بايدن وحكومة نتنياهو”.
وحتى الساعة الـ09:00 “ت.غ”، لم تصدر أي إفادة رسمية إسرائيلية بشأن حجم الأسلحة والذخائر التي تلقتها تل أبيب منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وشددت الصحيفة على أن “اعتماد إسرائيل على الولايات المتحدة لا يقتصر على شحنات الأسلحة فحسب، إذ تعتمد أيضاً على دعمها في الأمم المتحدة عبر استخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن (ضد أي تحرك لوقف الحرب بشكل دائم)، وممارسة الضغط على قطر ومصر للضغط بدورهما على حماس لصالح إنجاز صفقة لتبادل الرهائن”، وفق الصحيفة.
وتقيد إسرائيل وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، حيث يعيش نحو 2.3 مليون فلسطيني؛ ما تسبب في شح إمدادات الغذاء والماء والدواء والوقود وأوجد مجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين، في ظل وجود نحو مليوني نازح في القطاع المحاصر منذ 17 عاماً.
جدير بالذكر أنه منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرباً مدمرة على قطاع غزة خلفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، فضلاً عن كارثة إنسانية غير مسبوقة ودمار هائل بالبنية التحتية، وهو ما أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة “الإبادة الجماعية”.