غـــــــــــزة

يـــــــــــوم

أخبار

خرائط مليئة بالأخطاء تقود الفلسطينيين بغزة إلى الموت! الاحتلال وجّههم إلى مناطق القصف بدلاً من حمايتهم

نتائج الثانوية العامة

منذ الجمعة الماضية، الأول من ديسمبر/كانون الأول، شرع المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي للإعلام العربي، أفيخاي أدرعي، في عرض خريطة تفاعلية لقطاع غزة عبر حساباته في الشبكات الاجتماعية، وتمثّل الغرض المُعلن من تلك الخريطة في تسهيل عملية هروب السكان من القصف إلى المناطق الآمنة، رغم أن غالبية سكان قطاع غزة ليس لديهم اتصال بالإنترنت لغالبية ساعات اليوم، ويرجع السبب إما إلى نقص الوقود اللازم لتشغيل مرافق الاتصالات، أو لعجزهم عن شحن هواتفهم المحمولة، أو نتيجةً للتعطيلات المُتعمّدة أو الناجمة عن تحركات المقاتلات الإسرائيلية في الأجواء.

إذ قالت صحيفة Haaretz الإسرائيلية، أصبح المنتظر من سكان قطاع غزة أن يُظهروا معرفةً بـ”التقسيم البيروقراطي” لأحيائهم على شكل مربعات مُرقّمة، حتى وإن بدأوا نزوحهم فارين من منازلهم قبل ثلاثة أسابيع فقط. 

وتضيف الصحيفة أنه إذا لم تكن لديهم معرفة بالخرائط، فيُمكنهم مسح رمز الاستجابة السريعة QR المُرفق لمعرفة رقم المربع الذي يوجدون فيه. وفي حال وجدوا مربعهم مهدداً بالقصف الوشيك، فيتعيّن عليهم جلب حقائبهم التي تحتوي على الهويات والنقود للهرب على الفور.

الاحتلال الإسرائيلي غزة
فلسطيني على أنقاض منزل في غزة دمره الاحتلال الإسرائيلي/رويترز

خريطة مربكة ومليئة بالأخطاء! 

وانضمت مناطق القرارة وبني سهيلا وخزاعة وعبسان إلى قائمة المناطق المعرضة للقصف في يوم الجمعة، عبر المنشورات المُلقاة من السماء. ونصت تلك المنشورات على توجيهات بإخلاء تلك الأحياء سريعاً والتوجه إلى الملاجئ في منطقة رفح، مع التأكيد على أن مدينة خان يونس قد تحولت إلى منطقة قتال خطيرة. وفي يوم السبت، الثاني من ديسمبر/كانون الأول، أُضيفت بعض مناطق شرق خان يونس إلى القائمة مع تحديد أرقام المربعات المعرضة للقصف.

لكن سعداء الحظ الذين تمكّنوا من الاتصال بالإنترنت ورؤية تغريدة أدرعي -حتى يعرفوا أين يجب الفرار- وجدوا أنفسهم، صباح الأحد، أمام تفصيلة لا يُمكن تجاوزها من الخريطة التي نشرها. حيث احتوت الخريطة من الأعلى على شعاري جيش الاحتلال الإسرائيلي والمتحدث العسكري، وجاءت ضمن التغريدة التالية:

إذ حدّد المستطيل البرتقالي المنطقة المخصصة للقصف في خان يونس، وبالتالي صار يتعيّن على السكان الفرار منها. وامتدت من المستطيل ثلاثة أسهم برتقالية تُشير إلى المناطق الآمنة: منطقة الفاخورة وحي تل السلطان ومخيم الشابورة في رفح. وكان من الممكن أن يكتفي المرء بنظرةٍ واحدة إلى الخريطة لفهم كل شيء، بدلاً من إهدار الوقت في قراءة التعليمات المرفقة.

وسيستنتج أي شخص لا يعرف القطاع أن خريطة أدرعي تطلب من اللاجئين الفرار غرباً، بناءً على العُرف الدولي القائل بأن الشمال الجغرافي يأتي في أعلى كل خريطة، بينما يأتي الغرب إلى جهة اليسار. وأخطر ما في الأمر هو أن أولئك الذين اعتمدوا على السهم المتجه صوب “الغرب” فقط قد سارعوا في اتجاه مدينة حمد. لكن مدينة حمد كانت مُدرجة في الواقع على قائمة المناطق المُخصصة للقصف بحسب الإعلان نفسه.

غزة الاحتلال إسرائيل
آثار قصف الاحتلال على خانيونس – الأناضول

أما من يعرفون القطاع جيداً فسيعتقدون أن أحداً ما يحاول الاحتيال عليهم. إذ كسر جيش الاحتلال الإسرائيلي العرف الخرائطي عندما نقل اتجاه الشمال إلى يمين الخريطة، ونقل الجنوب إلى يسارها. علاوةً على تبديله موقعي الشابورة وتل السلطان. فضلاً عن أن المستطيل البرتقالي احتوى على مربعات مُرقّمة وغير مذكورة في توجيهات الإخلاء تحديداً، ولهذا لم يكن واضحاً ما إذا كان يُمكن البقاء فيها أو يُنصح بالفرار منها.

رفح ليست “آمنةً” أيضاً

طلبت صحيفة Haaretz الإسرائيلية من المتحدث باسم الجيش أن يشرح سبب نشر خريطة مُربكة ومليئة بالأخطاء، دون توضيح الأخطاء الواردة في الطلب. 

وردّ المتحدث في وقتٍ لاحق قائلاً إن الخريطة احتوت بالفعل على خطأ في موقع مخيم الشابورة وحي تل السلطان. وأوضح أنها غلطة بشرية جرى تصحيحها على الفور. لكن يبدو أن الاستدارة العجيبة في الخريطة لم تلفت أنظار أحد في الجيش الإسرائيلي، وظلّت على حالها حتى في التوضيح المنشور يوم الأحد، الثالث من ديسمبر/كانون الأول. فيما لم يُجب المتحدث باسم الجيش عن سؤال الصحيفة حول ما إذا كان ساحل خان يونس ورفح (منطقة المواسي) يُعَدُّ من المناطق الآمنة.

حيث قصف جيش الاحتلال، منذ مساء الأحد وحتى عصر الإثنين، 14 منزلاً داخل منطقة رفح “الآمنة”، بحسب ما ذكره للصحيفة محقق ميداني تابع للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان. وأضاف أن التفجيرات ضربت 6 أحياء من بينها الشابورة، الذي ظهر كوجهة مُوصى بها على الخريطة المنشورة في الأيام السابقة. كما تضمنت قائمة الوفيات عشرات من النازحين الذين استمعوا إلى نداءات جيش الاحتلال الإسرائيلي وتوجهوا جنوباً.

إسرائيل غزة الاحتلال الإسرائيلي
آثار القصف الإسرائيلي على قطاع غزة – رويترز

بينما قالت منظمة Gisha لحقوق الإنسان: “ليست هناك موارد كافية أو مرافق مناسبة لاستيعاب الأعداد الكبيرة من النازحين، وذلك داخل المناطق التي تحثّ إسرائيلُ السكانَ على النزوح إليها، وهي مناطق تنهار بالفعل تحت وطأة الازدحام ونقص السلع الأساسية”. 

وأردفت المنظمة أن تحديد مربعات على الخرائط “لا يُعفي الجيش من مسؤولية حماية المدنيين، بمن فيهم أولئك الذين لا يمكنهم إخلاء منازلهم أو اختاروا عدم الإخلاء”.


شبكة الغد الإعلامية - مؤسسة إعلامية مُستقلة تسعى لـ تقديم مُحتوى إعلامي راقي يُعبّر عن طموحات وإهتمامات الجمهور العربي حول العالم ونقل الأخبار العاجلة لحظة بلحظة.

منشورات ذات صلة