غـــــــــــزة

يـــــــــــوم

أخبار

الآلاف أصيبوا باضطرابات نفسية والحكومة “تتجاهلهم”.. جندي إسرائيلي سابق يكشف عن واقع مُزرٍ لقوات الاحتلال بسبب حرب غزة

وجَّه هدار كوهين، مؤسس موقع “الجسر.. حديث ما بعد الصدمة”، والذي عمل مصوراً أثناء أداء خدمته جيش الاحتلال الإسرائيلي، انتقادات لاذعة للحكومة وجيش الاحتلال جراء رداءة الخدمات المقدمة إلى مصابي الحرب، كاشفاً عن تعرض آلاف من عناصر الجيش لصدمات نفسية حادة، ورغم ذلك فإنهم لا يحصلون على الرعاية، بسبب ما سماه بـ”الحواجز الروتينية التي تعرقل حصولهم عليها”، وذلك في مقال له نشره موقع Walla  العبري، الإثنين 11 ديسمبر/كانون الأول 2023.

 يقول كوهين في مقاله، إنه بعد الوصول إلى اليوم السادس والستين لعملية طوفان الأقصى، الحدث الأكبر الذي شهدته إسرائيل، في ظل وجود عدد كبير من المصابين والقتلى، لم تؤسس الحكومة الإسرائيلية حتى الآن هيئة شاملة لتنسيق شؤون الصحة والرعاية النفسية للجنود. بل إن وزراء الحكومة المتعددين، وهم الأشخاص الذين من المفترض أن يعتنوا بعشرات الآلاف من المصابين بسبب الحرب، وبآلاف المصابين في صفوف جيش الدفاع الإسرائيلي داخل المستشفيات، يتواصلون بالكاد فيما بينهم.

الآلاف أصيبوا باضطرابات نفسية والحكومة “تتجاهلهم”.. جندي إسرائيلي سابق يكشف عن واقع مُزرٍ لقوات الاحتلال بسبب حرب غزة

آلاف الجنود أصبحوا مضطربين

يوضح كوهين أن القنوات الإخبارية التي تبث على مدار الساعة، لا تتحدث عن هذا الأمر على الإطلاق، ويضيف: “وفقاً لمسؤول بارز في منظومة الصحة النفسية بالجيش، فإنه منذ بداية القتال تقدم أكثر من 5000 جندي ومقاتل للحصول على المساعدة النفسية في أعقاب أحداث الحرب وفظائعها، والمشاهد غير الإنسانية التي تعرضوا لها”.




بحسب المصور السابق في جيش الدفاع الإسرائيلي، التقى هؤلاء الجنود البالغ عددهم 5000 جندي، اختصاصياً نفسياً عند الخط الحدودي، بمساعدة فرق الصحة النفسية الموجودة عند خطوط القتال. وعاد غالبيتهم للقتال بعد حصولهم على المساعدة النفسية الأولية، لكن 1000 منهم شُخصت إصابتهم برد فعل قتالي حاد، وأُرسلوا إلى ثلاث منشآت صحة نفسية بالجيش، حيث يعالجون أو يُحتجزون في المستشفى لمدة زمنية تصل إلى شهر. من المفترض أن يمنع هذا العلاج السريع اضطراب ما بعد الصدمة في المستقبل.

من بين الألف مريض المذكورين، يعود بعضهم إلى القتال، فيما يذهب آخرون إلى مستشفيات الطب النفسي، وهناك أيضاً آخرون يسرحهم الجيش ويعيدهم إلى الداخل لتلقي مزيد من العلاج تحت رعاية جيش الدفاع.

يعني هذا أن واحداً فقط من بين كل خمسة أشخاص حاولوا الحصول على مساعدة نفسية في أرض المعركة، أي 1000 رجل وامرأة، عولجوا أو أُودعوا المستشفى في منشآت الصحة النفسية للجيش أو في أجنحة الطب النفسي بالمستشفيات المتعددة، التي تضم جميع هؤلاء، إضافة إلى مئات من جنود جيش الدفاع الإسرائيلي، الذين تضرروا نفسياً وفي أجنحة التأهيل. يحمل كل جندي منهم في نفسه، وفي أعماق روحه،  قصة شخصية حزينة ومعقدة. رغم أنهم  في خضم الحرب. وهذه الأعداد سوف تتزايد.

تكلفة باهظة

يوجه الكاتب دفة حديثه نحو أوجه القصور التي تعتري منظومة رعاية الجنود، فيستدرك قائلاً: “ولكن هذه هي تكلفة الحرب، وهؤلاء الذين يخوضون المعركة على استعداد لدفع تكاليفها، وبمجرد أن ارتدوا الزي العسكري، فقد وافقوا على جميع العواقب التي قد تحدث،  لكن البلاد التي أرسلتهم، والتي ينبغي لها أن تتحمل مسؤوليتهم وأن تبسط أجنحتها فوق هؤلاء الذين خرجوا من أرض المعركة بإصابات، لا تلتزم بدورها في هذا الاتفاق”.

كما يضيف: “على سبيل المثال، كيف يمكن للمرء أن يفسر أننا حتى هذا اليوم، بعد مرور أكثر من شهرين على الحرب، لم يكن هناك نقاش في صورة طاولة مستديرة تضم جميع ممثلي الحكومة، الذين يُفترض أن يعتنوا بالمرضى وبعائلاتهم، وأن يهتموا برعايتهم وعودتهم إلى حالتهم الطبيعية؟ الصراع من أجل السلطة، وعبادة الذات، والميزانيات، والسياسة، والبيروقراطية: كلها عناصر تحول دون حصول المقاتلين والمدنيين على العلاج الذي يستحقونه من دولة إسرائيل”.

“لم يتغير شيء حتى بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، لا يزال المبدأ كما هو، الناس تنزف والانفصال متواصل. تعتني وزارة الدفاع، وقسم إعادة التأهيل، بجنود جيش الدفاع الإسرائيلي المصابين في الحرب، ويفعلون ذلك بموجب قانون الأشخاص ذوي الإعاقة في جيش الدفاع الإسرائيلي. ولكن في غضون أشهر قليلة، عندما يطالب الجرحى في صفوف جيش الدفاع الإسرائيلي بالعلاج من الدولة، سواء كان هذا العلاج عمليات جراحية أو علاجاً نفسياً لتجاوز الصدمات، فإنهم سوف يتلقون جواباً مهذباً بأن المسألة ليست مشمولة ببساطة في هذا القانون”.

بحسب كوهين، اتضح أن الإصلاح التشريعي “روح واحدة” لوزارة الدفاع وبرنامج المعاقين بجيش الدفاع الإسرائيلي، الذي كان من المفترض له أن يصلح  قانون الأشخاص ذوي الإعاقة في الجيش الإسرائيلي، وأن يعتني بحقوقهم وعلاجهم، مُررا في الكنيست بصورة جزئية. ففي واقع الأمر، أقر الكنيست على فصلين فقط من فصول القانون الستة. أما بقية الفصول، التي تتعلق بالمقاتلين الذين يؤذون أنفسهم ويعتقدون أن الدولة سوف تعتني بهم، فلم تُمرر بعد. وسرعان ما سيكتشف هؤلاء الجنود -من المقاتلين والمقاتلات- أن الدولة عندما احتاجوا إليها، لم تكن حاضرة. لكن الدولة سوف تضع أمامك بكل سرور كل الحواجز الروتينية.

حتى إصلاح “روح واحدة” لم يُمرر كلياً عن طريق الكنيست

يقول كوهين: “في جلسة الانعقاد الشتوية بالكنيست، كان من المفترض أن تناقش لجنة الرفاه والعمل مواد إصلاح (روح واحدة)، وهي المواد التي تشتد الحاجة إلى مناقشتها، بل والتي تعد بمثابة الترياق بالنسبة للمصابين. ولكن حتى هذا اليوم، يؤجله المستشارون القانونيون. فما السبب في ذلك؟ الإجابة الشائعة هي: نحن في خضم حرب. ألا يحيرنا هذا قليلاً؟ فبسبب الحرب، نحتاج إلى تمرير القانون بسرعة، ليس غداً، بل منذ أمس”.

كما يضيف: “في أغسطس/آب الماضي، وفي جلسة استماع طارئة، اجتمع أحد اللوبيهات في الكنيست، بقيادة عضو الكنيست ميخائيل بيتون وعضو الكنيست إسحق كروزر (من حزب عوتسما يهوديت اليميني المتطرف)، بعد الإبلاغ عن حالتي انتحار أخريين في صفوف جنود جيش الدفاع الإسرائيلي، على خلفية خدمتهم العسكرية. طالب اللوبي بتأسيس وزارة معالجة ضحايا الحرب”.

كانت الوزيرة أوريت ستروك حاضرة في الاجتماع بوصفها ممثلة للحكومة، ووعدت بأن تضع مسألة سوء معاملة ضحايا الحرب على طاولة الحكومة. وقد فعلت ذلك. أكد الوزير أوفير سوفير والوزير ياريف ليفين والوزيرة إديت سليمان، على ما قالته الوزيرة أوريت داخل جنبات الحكومة. وأعرب رئيس الوزراء كذلك عن اهتمامه بالأمر، وطالب بأن تتعاون أمانة الحكومة مع وزارة الدفاع لتأسيس كيان يتعامل مع القضية. أرسلت الوزيرة أوريت خطاباً يفيد بأن ذلك سوف يُنفذ، لكن شيئاً لم يحدث.

يتساءل الكاتب: “إلى أين قادنا ذلك؟ لا شك في أن قسم إعادة التأهيل بوزارة الدفاع، برغم حالة موظفيه السيئة، يحاول التعامل مع هذا الحادث، لكنه لا ينجح. فبدون زيادة الميزانيات ومضاعفة العلاج المخصص للأفراد، لن يحصل جيش الدفاع الإسرائيلي على إعادة التأهيل التي يستحقها أفراده. وحتى قبل الحرب الحالية، كان مستوى الأيدي العاملة من مقدمي الرعاية يقف عند حد موظف رعاية واحد لكل 850 جريحاً. منذ بداية الحرب، أقر الجيش بوجود 2000 معاق آخرين في جيش الدفاع الإسرائيلي. وسوف تفهم بنفسك استناداً إلى هذه الأرقام، جودة الرعاية التي سيحصلون عليها”.

ويختتم كوهين مقاله قائلاً: “إذا لم تعرف الحكومة، لا سيما مجلس الحرب، كيف تهتم بما بعد الحرب، وبهؤلاء الذين تركوا كل شيء في السابع من أكتوبر/تشرين الأول وارتدوا الزي العسكري وخرجوا لخوض القتال، الذين ضحوا بحياتهم من أجل البلاد، وعادوا مصابين، إذا لم تهتم الحكومة بهؤلاء الأشخاص المحترمين، أو إن لم تهتم بأنينهم المستمر، فسوف تعرف كل أم يهودية، أنها في المرة القادمة التي ستحتاج إسرائيل فيها إلى أبنائها وبناتها، أن مصير أطفالها تحت رحمة المسؤولين والبيروقراطية، لأن الحكومة ببساطة لا تؤدي وظيفتها”.


اشتري وجبة شاورما لـ شخص 1 من طاقمنا، (ادفع 5 دولار بواسطة Paypal) | لشراء وجبة اضغط هُنا


شبكة الغد الإعلامية - مؤسسة إعلامية مُستقلة تسعى لـ تقديم مُحتوى إعلامي راقي يُعبّر عن طموحات وإهتمامات الجمهور العربي حول العالم ونقل الأخبار العاجلة لحظة بلحظة.

منشورات ذات صلة