يتزايد التوتر بين واشنطن وتل أبيب؛ بسبب عدم تحديد سقف زمني للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، فيما شدد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أمس الثلاثاء 12 ديسمبر/كانون الأول، على أنه لن يرضخ للضغوط الأمريكية، كما جرى مع ديفيد بن غوريون، أول رئيس وزراء.
وقال نتنياهو، في جلسة مغلقة أمام لجنة الخارجية والأمن البرلمانية في الكنيست، إن “أي رئيس وزراء لا يستطيع الصمود أمام الضغوط الأمريكية لا حاجة لأن يدخل مكتب رئيس الوزراء”، وفقاً لموقع صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية.
وأضاف نتنياهو، الذي وصف نفسه بأنه “الوحيد القادر على مواجهة الضغوط”، أن “بن غوريون كان قائداً عظيماً لكنه في النهاية استسلم للضغوط الأمريكية”، في إشارة إلى الانسحاب الإسرائيلي من سيناء وقطاع غزة عام 1956.
مطالب أمريكية.. وتصرفات إسرائيلية مقلقة لواشنطن
وتتزايد حدة الخلاف بين واشنطن وتل أبيب بشأن المرحلة التي ستلي العملية العسكرية في قطاع غزة. وفي الوقت الذي تضغط فيه الولايات المتحدة لتولي السلطة الفلسطينية الحكم في القطاع، يشدد نتنياهو في تصريحاته على أنه لن يسمح لها بالعودة هناك.
وأمس الثلاثاء 12 ديسمبر/كانون الأول، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن إن “إسرائيل” بدأت تفقد دعم المجتمع الدولي بقصفها العشوائي لقطاع غزة، مطالباً نتنياهو بتغيير “حكومته المتطرفة”.
وقالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” إن انتقادات بايدن شديدة اللهجة جاءت في أعقاب أقوال مسؤولين إسرائيليين لنظرائهم الأمريكيين، بينهم وزير الخارجية أنتوني بلينكن، ووزير الدفاع لويد أوستن، ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، أثناء زيارتهم مؤخراً لتل أبيب.
وتتلخص المطالب الأمريكية في تجنب المدنيين خلال القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، وزيادة المساعدات الإنسانية للقطاع، إلى جانب موضوعين آخرين، الأول: وضع السلطة الفلسطينية “غير المستقر”، والثاني هو التخوف من أن تحتل “إسرائيل” قطاع غزة ولا تنسحب منه، وفي هذين الأمرين يسمع المسؤولون الأمريكيون تصريحات وتصرفات مخيبة للآمال من حكومة نتنياهو، ما يثير القلق في واشنطن، وفقاً للصحيفة الإسرائيلية.
الجيش لا يعتزم الانسحاب من شمال غزة
وأوضح المسؤولون الإسرائيليون لنظرائهم الأمريكيين أن الجيش لا يعتزم الانسحاب من شمال قطاع غزة حتى بعد انتهاء العمليات العسكرية فيه، وأنه لن يسمح بعودة جميع الفلسطينيين الذين نزحوا من شمال القطاع بسبب الحرب، ولكن ستكون هناك “عملية عودة تدريجية” بمرور الوقت.
ويؤكد المسؤولون الإسرائيليون أن الجيش هو الذي سيقرر “من سيعود إلى الشمال ومن لن يعود”، وأنه في المرحلة المقبلة ستبقى القوات في شمال القطاع وكذلك في محور وادي غزة، حسب الصحيفة.
وأشارت “يديعوت أحرونوت” إلى أن هناك إجماعاً واسعاً نسبياً على المستوى السياسي الإسرائيلي، حول عدم تنفيذ انسحاب سريع وكامل من شمال قطاع غزة.
وفيما يتعلق بوضع السلطة الفلسطينية، أشارت الصحيفة إلى أن شعبة الاستخبارات العسكرية “أمان” تقدم تحذيراً استراتيجياً حول انهيار السلطة، حيث حذرت وثائق داخلية في “أمان” من أن الوضع الاقتصادي المتردي في الضفة الغربية يقرّب من سقوط السلطة الفلسطينية، أو انتفاضة جديدة ضد “إسرائيل”.
وقالت الصحيفة الإسرائيلية إن رفض نتنياهو القاطع لعودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة كحل سياسي، يتعارض مع موقف بايدن، وامتناع رئيس الوزراء الإسرائيلي عن الحديث عن “اليوم التالي للحرب”، وتصريحات اليمين المتطرف في حكومته حول الاستيطان في قطاع غزة، كل ذلك يقود إدارة بايدن إلى مسار تصادمي حاد مع تل أبيب.
ويشن الاحتلال الإسرائيلي، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، عدواناً مدمراً على قطاع غزة، خلف 18 ألفاً و412 شهيداً، و50 ألفاً و100 جريح، معظمهم أطفال ونساء، ودماراً هائلاً في البنية التحتية، و”كارثة إنسانية غير مسبوقة”، بحسب مصادر رسمية فلسطينية.