كشف أطباء عاملون في غزة عن أوضاع صعبة يشهدها القطاع الطبي في القطاع، حيث يضطرون إلى استخدام غرسات طبية (أجهزة يتم إدخالها في جسم الإنسان لأداء وظائف محددة) مأخوذة من مرضى آخرين، ويجرون العديد من العمليات بلا أي تخدير أو مسكنات للألم، بحسب ما نشره موقع ذا دايلي بيست الأمريكي، الثلاثاء 11 يونيو/حزيران 2024.
ونقل الموقع الأمريكي عن الدكتور خليل الدجران، الذي يعمل في مستشفى شهداء الأقصى، قوله إن هناك “انهياراً كاملاً للنظام الصحي”، وإن عشرات الآلاف من المرضى بحاجة إلى نقلهم خارج غزة لتلقي العلاج.
وأضاف أن النقص في المعدات الطبية داخل قطاع غزة أصبح الآن حاداً للغاية، لدرجة أن الأطباء في المستشفى الذي يعمل به يضطرون في كثير من الأحيان إلى إعادة استخدام ألواح التيتانيوم لتثبيت كسور العظام بعد أشهر من استخدامها، حيث يتم تعقيم هذه اللوحات ومن ثم استخدامها لعلاج الكسور لدى المرضى الآخرين.
وقال الدجران: “إننا بحاجة ماسة إلى المزيد من المستشفيات الميدانية، وهناك عجز في إمدادات الوقود اللازمة لإجراء العمليات الجراحية كل يوم، مما يهدد عمل العديد من الأجهزة الطبية ويعرض المزيد من الأرواح للخطر”.
وقال الدكتور الدكتور حسام عودة، طبيب الأسنان الأردني الذي توجه للعمل في مستشفى غزة الأوروبي بخان يونس، إنه التقى بمريض كان يعاني من كسر في الفك وبحاجة إلى عملية جراحية. ووصف كيف قام بطريقة مرتجلة باستخدام سلك من قناع الوجه لإجراء العملية بسبب عدم وجود ألواح تيتانيوم متخصصة.
وأفادت وزارة الصحة الفلسطينية بأن أكثر من 500 من موظفيها قتلوا خلال الحرب الإسرائيلية على غزة، والتي دخلت شهرها التاسع، وأن العديد من الأطباء الأجانب الذين تطوعوا في غزة قد غادروا القطاع.
وأكدت وزارة الخارجية الأمريكية الشهر الماضي أن السفارة الأمريكية في إسرائيل ساعدت في إجلاء 17 من أصل 20 طبيباً أمريكياً ما زالوا يعملون في غزة. فيما اختار ثلاثة منهم البقاء لمواصلة تقديم المساعدة الطبية.
نقص الإمدادات الطبية
كما بقيت مجموعة أكبر من الأطباء الأردنيين في غزة لتقديم المساعدة الطبية من بينهم علي أبو قرمة، المحاصر في غزة منذ وصوله في أبريل/نيسان الماضي، وهو خبير جراحي متخصص في جراحة المناظير وجراحة السمنة، وما زال يعمل في مستشفى شهداء الأقصى.
وقال أبو قرمة إنه وصل برفقة وفد طبي أردني مكون من أربعة ممرضين جراحيين واثنين من أطباء التخدير وجراحين آخرين، لكنهم يواجهون نقصاً كبيراً في الإمدادات الطبية.
ونقل عنه موقع ذا دايلي بيست قوله: “إن وضع الرعاية الصحية في غزة كارثي. القطاع الصحي انهار تماماً. وهناك نقص حاد في الطاقم الطبي. لا توجد أدوات جراحية للجراحة العامة أو جراحة العظام”.
وأضاف أبو قرمة: “إن إغلاق معبر رفح هو بمثابة حكم بالإعدام على المرضى الذين يحتاجون إلى نقلهم للعلاج في الخارج. لقد نفدت الإمدادات الطبية التي أحضرناها معنا، وكنا نأمل أن ينضم إلينا طاقم طبي إضافي، لكن إغلاق المعبر يمنع دخول طواقم طبية جديدة”.
بينما قال يونس حاج صالح، مدير العمليات في اتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الطبية، الذي وصل إلى غزة في 29 أبريل/نيسان الماضي، إن الوضع “أسوأ بكثير من أي شيء يمكن تخيله أو مشاهدته على شاشة التلفزيون، بالإضافة إلى الظروف الطبيعية والصحية والكوارث الإنسانية”.
إشادة بنساء غزة
من جانبها قالت الدكتورة أسيل الجلاد، طبيبة النساء والتوليد، والتي تركت طفليها في الأردن للانضمام إلى الفريق الطبي في مهمتهم لإنقاذ الأرواح في رفح: “إن معاناة النساء لا توصف. إنهم يلدون دون مسكنات، وهي وسائل ترف تستخدمها النساء في جميع أنحاء العالم ولكنها غير متوفرة في غزة. هناك تذرف الدموع بصمت، لدرجة أنني أبكي وأنا أساعد النساء على الولادة”.
وأشادت في حديثها لموقع ذا دايلي بيست بقوة وصلابة النساء في غزة اللاتي يواجهن الصعوبات.
وقالت أسيل إن معظم النساء اللاتي يصلن إلى المستشفى يبدون شاحبات بسبب سوء التغذية ونقص الفيتامينات. وأضافت: “البعض يتناول وجبة واحدة فقط في اليوم، ويعاني الكثيرون من فقر الدم الشديد، مما يتطلب نقل الدم بدلاً من مكملات الحديد”.
وأضافت أسيل أن الإمدادات الجراحية نادرة، مما يضطر الأطباء إلى استخدام بدائل أخرى لوقف النزيف مثلاً أثناء العمليات الجراحية.
وقالت: “إننا نستخدم كل ما هو متاح لإكمال العمليات الجراحية. لقد قمنا بإعادة استخدام معدات الحماية من فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) كأغطية جراحية. ويتم إعادة تعقيم القفازات لإعادة استخدامها بسبب ندرتها. بل ويتم تعقيم الأدوات الجراحية لإعادة استخدامها بسبب نقص المواد”.
وكان تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أشار إلى أن إسرائيل جعلت من المستشفيات هدفاً رئيسياً لحربها المستمرة على قطاع غزة، موثقة 90 حادثة استهداف منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وذكرت الصحيفة أن 23 من أصل 36 مستشفى في غزة تعرضت لأضرار أو خرجت من الخدمة جراء القصف الإسرائيلي.