الثلاثاء - 2 ديسمبر / كانون الأول 2025

غـــــــــــزة

يــــــــــوم

سوشال ومشاهير

رعب بلا موسيقى ولا مطاردات.. فيلم “بطش الطبيعة” يبتكر لغة خوف جديدة

تابع آخر الأخبار على واتساب

الـخـلاصـة

📑 محتويات:

بطش الطبيعة فيلم رعب للمخرج كريس ناش يقلب قواعد النوع التقليدية، حيث تلاحق الكاميرا القاتل المتسلسل جوني من وجهة نظره، مما يخلق تجربة مرعبة تعتمد على السكون والوحشية بدلاً من الإثارة والمطاردات. الفيلم يستكشف الرعب من خلال قسوة الطبيعة الجامدة وإيقاعها الثابت، مع التركيز على التصوير السينمائي الطبيعي والمؤثرات السيريالية. يتخلى الفيلم عن الموسيقى التصويرية التقليدية، معتمداً على أصوات الطبيعة لخلق جو من الرهبة والقلق، ليقدم تجربة رعب فريدة ومؤثرة.

ℹ️ خلاصة مختصرة لأهم ما جاء في الخبر قبل التفاصيل

في فيلمه الأول “بطش الطبيعة” (In a Violent Nature) يكسر المخرج الكندي كريس ناش قواعد أفلام الرعب التقليدية، فبينما تسيطر معظم أفلام “القتلة المتسلسلين” على المشاهد بوضعه في مكان الضحية المرتعشة يقلب ناش العدسة وتلاحق كاميرته الغابة من خلف أكتاف قاتل صامت متحلل يدعى جوني ليتحول المشاهد إلى شبح مقيد بوحش.

تبدو الفكرة مألوفة للوهلة الأولى، لكنها تراوغ كلما أوغل المخرج في السرد، فالحكاية تدور حول مجموعة الشباب المرحين في رحلة تخييم بالغابة، يعثر أحدهم على قلادة صدئة من برج إطفاء مهجور وينتزعها، مما يؤدي إلى بعث هذا الفعل جوني، القاتل الذي مات ودُفن منذ زمن طويل.



لا تظهر طبيعة الفيلم من خلال التشويق أو الإثارة أو الرعب أو مشاهد المطاردات، ولكن من خلال متابعة جثة جوني الذي عاد إلى الحياة تراقب الكاميرا حركته البطيئة والثابتة عبر التضاريس وهو يطبق قبضته على فريسته.

ثمة خطورة حقيقية في تطبيق هذه الرؤية في الأفلام، إذ تخلق المراقبة المستمرة من قبل الكاميرا للقاتل تعاطفا ورابطا مع المشاهد، وعلى العكس تدفع بنوع من اللامبالاة أو حتى العداء، بين المشاهد والضحايا، وهو أمر مغاير تماما لما تهدف إليه الدراما بشكل عام.

تتعلق عينا المشاهد بالقاتل في إيقاع شبه تأملي مع مصدره، فجوني لا يركض ولا يصاب بالذعر، وبالكاد يبدي أي رد فعل.

لا توجد مقطوعة موسيقية تدفعنا إلى الشعور بالرهبة، كل ما نسمعه هو صوت أوراق الشجر تحت الأقدام وصرير الأشجار في الريح وهمهمة الطبيعة المحيطة في مشهد صوتي يزداد غرابة كلما تُرك دون مقطوعة موسيقية.

الرعب هنا ليس في العنف المفاجئ، بل في قسوته، ما إن يبدأ جوني مسيرته حتى ينطلق بلا توقف دون إمكانية لحوار قد ينقذ الضحية، ولا عاطفة قد تحركه.

الخروج على الرعب الكلاسيكي

شهدت أفلام الرعب خلال العقدين الأخيرين تحولات جذرية في بنيتها، ولم تعد “الصيغة الكلاسيكية” التي تعتمد على الإثارة والمفاجآت والموتى الأحياء كافية لإرضاء جمهور يبحث عن تجربة أكثر تعقيدا، سواء على مستوى الأسلوب أو المعنى.

هذا الخروج عن الشكل التقليدي للرعب لا يعني فقط التغيير في أدوات الإخافة، بل يعكس تحولات فكرية وفنية تسعى إلى مساءلة جوهر الرعب نفسه.

أحد أبرز مظاهر هذا التحول يتمثل في الانتقال من الرعب الخارجي المتمثل في وحش قاتل أو كيان خارق إلى الرعب الداخلي المتمثل في الهوية أو الحزن أو الصدمة.

فيلم مثل “البابادوك” (The Babadook) 2014 لا يدور فقط حول كائن مخيف يسكن كتابا للأطفال، بل يتعامل مع الحزن المكبوت بعد فقدان الزوج، والمرض النفسي الذي يتمثل كوحش، الرعب هنا ليس ما نراه، بل ما نحاول ألا نراه داخل أنفسنا.

وفي فيلم “وراثي” (Hereditary) 2018 للمخرج آري آستر يتحول الفيلم من دراما عائلية مشحونة إلى رعب ميتافيزيقي، حيث يصبح الموت والإرث العائلي أشبه بلعنة وراثية، هذا النوع من الرعب يعبث بالهشاشة العاطفية للمشاهد، لا بمجرد إخافته.

فيلم آخر يذهب أبعد في التجريب هو “سكينمارين” (Skinamarink) 2022 الذي يُغرق المشاهد في جو كابوسي من الضباب والضوء الخافت والصمت.

لا قصة واضحة ولا شخصيات تقليدية، فقط شذرات صوت وصور كأنها خرجت من حلم سيئ لطفل تُرك وحده في الليل، الفيلم لا يشرح شيئا، لكنه يشعرنا بالقلق والوحدة والذعر.

وفي فيلم “اخرج” (Get Out) 2017 للمخرج جوردان بيل أعاد تعريف الرعب من خلال عدسة العنصرية البنيوية، حيث يصبح الجسد الأسود في خطر دائم من نظام كامل يحوله إلى سلعة، الفيلم يمزج بين السخرية والرعب والتشويق ليطرح سؤالا وجوديا عن السلطة والهوية والانتماء.

السكون والوحشية وإيقاع الطبيعة

ما يميز فيلم “بطش الطبيعة” هو التزامه التام بالتصوير السينمائي الطبيعي والإيقاع غير الدرامي.

صُوّر الفيلم في براري كندا الكثيفة مستخدما ضوء النهار الحقيقي والظلال الناعمة والصوت المحيط لخلق عالم يبدو شاسعا وخاليا من الهم.

المصور السينمائي بيرس ديركس يصور جوني ليس كشخصية محورية، بل ككائن إضافي في المشهد الطبيعي، يتحرك كشبح عبر خيوط الضوء وعبر أرضيات مغطاة بالطحالب وجذوع أشجار متحللة، لا تستجيب له الغابة، لا تفر منه الطيور، وكأن كل شيء بالنسبة له محايد أو هو جزء من تلك المفردات.

ويبدو حياد الطبيعة مرعبا حين نعلم أن تلك الاستجابات، سواء كانت فرار الطيور ونباح كلب أو حركة مفاجئة لغزال هي التنبيه الطبيعي للإنسان والإنذار بخطر قادم، لذلك يبدو الرعب مفاجئا والعنف حقيقيا وبلا مقاومة تقريبا.

ناش -الذي بدأ مسيرته الفنية في أفلام الرعب القصيرة- يميل إلى تجسيد الموت بمؤثرات سيريالية.

إحدى اللحظات الصادمة بشكل خاص -والتي اشتهرت منذ العرض الأول للفيلم في مهرجان صاندانس 2024- تتضمن شخصية تُطوى للخلف عبر نافذة في الوقت الفعلي، تصرخ وتتلوى فيما تكسر عظامها بصوت مسموع، لا يوجد قطع سريع ولا تشتيت، يرى الجمهور ثقل المشهد بالكامل في الوقت الفعلي.

الأداء مبسّط بشكل مناسب، يقدّم راي باريت -الذي يجسد دور “جوني”- أداء يعتمد كليا على وضعية الجسم والتنفس، لا يتكلم، وبالكاد يعبر عن مشاعره.

شخصيات المخيمين ليست مصورة بشكل غني، لكن هذا جزء من فكرة الفيلم، إنهم نماذج نمطية في نظام طبيعي لا يمكنهم التحكم فيه، يخطئون في اختياراتهم، وينتَقدون.

هناك تلميحات لقصة أعمق، وهناك همسات عن وفاة جوني وصدمة عائلية وحريق وسقوط، لكن صانع العمل يبقي هذه التفاصيل مجزأة بحكمة.

يبدو الفيلم كأنه دراسة وليس قصة، في اللحظات الأخيرة للفيلم فقط ندرك أن تلك الأحداث معادة وستتكرر مثل فصول السنة.

في فيلم “بطش الطبيعة” حقق كريس ناش إنجازا نادرا، إذ صنع فيلم رعب يبطئ النبض بدلا من أن يسرعه، ليس لأنه ممل، بل لأنه يريدك أن تشعر بالانتظار، وأن تفهم العنف كحقيقة لا مناص منها نابعة من أعماق الأرض.

تحليل وتفاصيل إضافية

يقدم فيلم ‘بطش الطبيعة’ إضافة نوعية لأفلام الرعب الحديثة، حيث يبتعد عن الصيغ التقليدية المعتمدة على الإثارة والمفاجآت، ويتجه نحو استكشاف أعمق للرعب النفسي والوجودي. الفيلم لا يعتمد على الموسيقى التصويرية أو المطاردات لخلق الخوف، بل على التصوير السينمائي الطبيعي والتركيز على قسوة الطبيعة الجامدة. ينجح الفيلم في خلق شعور بالرهبة والقلق من خلال إيقاعه البطيء والثابت، ومتابعة القاتل جوني من وجهة نظره، مما يخلق تعاطفاً غريباً مع الوحشية. كما يثير الفيلم تساؤلات حول دور الطبيعة في حياتنا، وهل هي محايدة أم جزء من دائرة العنف الأبدية؟ هذا الفيلم يمثل تحولاً مهماً في أفلام الرعب، حيث يركز على التجربة الشعورية بدلاً من الإثارة السطحية.

أسئلة شائعة حول بطش الطبيعة

ما هي الفكرة الرئيسية في فيلم ‘بطش الطبيعة’؟
الفكرة الرئيسية هي تقديم الرعب من خلال منظور القاتل المتسلسل، مع التركيز على قسوة الطبيعة الجامدة وإيقاعها الثابت.
كيف يختلف ‘بطش الطبيعة’ عن أفلام الرعب التقليدية؟
يتخلى الفيلم عن الموسيقى التصويرية والمطاردات، ويعتمد على التصوير السينمائي الطبيعي لخلق جو من الرهبة والقلق.
ما هو دور الطبيعة في الفيلم؟
الطبيعة ليست مجرد خلفية، بل هي جزء أساسي من الرعب، حيث تعكس قسوتها الجامدة طبيعة القاتل.
ما هي أبرز العناصر التي تميز أسلوب الإخراج في الفيلم؟
التصوير السينمائي الطبيعي، والإيقاع البطيء والثابت، والتركيز على المؤثرات السيريالية.
ما هي الرسالة التي يحاول الفيلم إيصالها؟
الفيلم يثير تساؤلات حول دور الطبيعة في حياتنا، وهل هي محايدة أم جزء من دائرة العنف الأبدية.
هل فيلم ‘بطش الطبيعة’ مناسب لمحبي أفلام الرعب التقليدية؟
قد لا يكون الفيلم مناسباً لمحبي الإثارة والمطاردات، ولكنه مثالي لمن يبحثون عن تجربة رعب نفسية ووجودية عميقة.

تابع صوت الغد على مواقع التواصل الاجتماعي : نبض | فيسبوك | تيك توك | إنستغرام | واتساب | تويتر × | تيلغرام