هل نحن نقدم للآخرين ما يحتاجونه؟
سؤال يستحق التفكير فيه، ففي الواقع حين نوبخ الطفل نأتي له بالهدايا والحلوى الطيبة دون تقديم إعتذارٍ بكل بساطة، فهل نظنه لا يفهم، أم كبريائنا يمنعنا أن نظهر للطفل الضعف والأسف؟!
هل من الصعب أن نعترف بأننا نخطئ؟
كيف يمكن أن ننسى أننا قدوةٌ لذاك الطفل، وأننا بكسر قلبه نعلمه كيف يكسر القلوب غداً حين يكون في موضع قوة، لذا فلنكف عن كبريائنا ولنفتح قلبوبنا لمن هم بحاجةٍ إليها.
نحن نحب من يفهمنا و يقدر ما نريد في الوقت الذي نريد:
حين تكسر قلوبنا نحتاج لتربيتة حانية تخفف عنا عبء الحال، حين نرغب بالحديث عما يزعجنا نرغب بآذانٍ وقلوب حاضرة تمهد لنا الطريق لإخراج مافي جعبتنا دون خوف،
خطوات محددة في أوقات معينة قد تصنع الكثير من جسور المحبة وتمنع المرء من البحث عنها بطرق أخرى
القليل من الكلام قد يطول أثره لوقت بعيد:
كلمة مدح وإعجاب للطعام الذي أمضت زوجتك وقتاً طويلاً واقفة على أقدامها لتحضيره تبني روابط من التقدير و الرضا وتعزز أوتار الرحمة بينكما، من الجميل أيضاً أن تمدح صديقك في شيء تراه جميلاً و أن تصرح عن ذلك الجمال بلسانك بكلمات تسعده.
من سار بين الناس جابراً للخواطر أدركه الله في جوف المخاطر فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟
فن ضائع:
من الغريب ما يحدث في حفلات التخرج حين نقدم للخريجين أطقم كؤوس و فناجين شاي! و نقدم للمولود الجديد الكثير من الشوكولا، أو نعبئ منزل من دخل القفص الذهبي حديثاً بأطقم الصحون بمختلف ألوانها وأحجامها.
الهدية في من فنون إسعاد القلوب و في بعض الأحيان نحن لا نراعي ما يناسب الآخرين بل نقدم ما نعتقد أنه يصلح لهم.
الهدية عملية تحتاج للتخطيط والترتيب والعناية في الإختيار:
إختيار الهدية المناسبة للعمر المناسب في الوقت المناسب كمن يضرب ثلاثة عصافير بحجر واحد، فتكون قد أدخلت السرور على قلب الآخر وأنزلت الشخص منزلته وحظيت بالأجر والثواب.
إحذر علامات الذبول:
هناك علامات تنذر السائق لاقتراب موعد نفاذ بطارية السيارة و منها أن لا يستجيب المحرك بسولة كما اعتاد عليه السائق، أو أن تنخفض كفاءة عمل المصابيح في السيارة، ومن يهمل الأمر قد تتوقف به السيارة ويتعرض للإحراج في منتصف الطرقات وذلك الحال في الكثير من العلاقات الإجتماعية.
ينتظرون حتى الرمق الأخير قبل أن يعلنوا حالة الطوارئ رغم أنهم يرون علامات انتهاء الطاقة ولا يعملون على إنعاشها وتجديد روحها فيتخلل الإهمال و تذبل المشاعر معلنة وقوف الرحلة و إعطاء الركاب أمراً بالنزول.
للمشاعر تاريخ صلاحية:
إذا كنت تعتقد أن السيارة تحتاج لصيانة دورية لتتأكد من صحتها و إلى متى ستخدمك وفي المقابل تهمل علاقتك بأرواح من حولك فلابد أن هناك خلل ما،
حتى المشاعر قد يتخللها تواريخ إنتهاء وعند إقتراب موعدها سترى تغيراً واضحاً في الملامح وشحوباً في الوجه و ضعفاً في القلب و سيتوقف الأمر على مدى عمل حساسات الإستشعار لديك وملاحظتك لتلك التغيرات
القلب لا يقل قيمة عن المعدن :
ليس منطقي أن تلاحظ ضعف القطعة المعدنية التي تمتلكها ولا ترى أقل تغير في روح من تعيش معه، و كما عليك أن تتوجه لأقرب محل صيانة لتنقذ سيارتك قبل أن تتوقف بك في منتصف الطريق، فمن واجبك تفحص قلب من تعيش معه، ومن له حق عليك وترى مدى رضاه عن عيشه بقربك ولا تحسب أنه أمر هين فورائه أثر كبير في قلوب الخلق، وهو عند الله عظيم كما قال ابن عثيمين:
إماطة الأذى عن طريق القلوب أعظم أجراً من إماطة الأذى عن طريق الأقدام !
آفاق ضيقة:
أؤمن بأن هناك من لايمتلك هذه الحساسات ولايفهم إلا ما يقال على الألسنة، هو محروم من قراءة المعنى الخفي من الكلام و ماهو وراءه، لا يعرف قراءة الوجه ولا لغة الجسد ولا القلب، ويستمر بالتصرف كما يحلو له، الشخص الذي يتعامل مع الموضوع من الخارج ولا يتعمق بمعرفة محاوره وأبعاده جيداً، والذي يصدر الحكم بحدود تفكيره السطحية، يضع يده على فعل قمت به مؤخراً ويصب تركيزه على كلمة تفوهت بها و يتخذها حجة يرددها على مسامعك ليل نهار دون رؤية أو سماع غيرها من الكلام بسبب آفاقه الضيقة. عليك أن تشرح له كل ما تفعل فبصيرته المحدودة الإدراك لا تستطيع أن ترى إلا ما يملى عليها.
تعقيدات رغم البساطة:
بالرغم من أن إحتياجاتنا أبسط من البساطة، إلا أنه يساء فهمها والتعامل معها، دائماً ما أفتش في القلوب الذابلة فأجد أنها متساهلة، وما يزيد من المشكلة ويفاقمها أن يأتي من يعتب على البقايا التالفة، ويكثر الملامة لعله يستدرج بصيص أمل من تحت حطامها، أتأمل الصورة من طرف قريب فأجد أنها قد انطفأت منذ عهد طويل،
فما فائدة الملامة مدامت الروح في واد غير واديك،
وهكذا يفعل البعض يسيء إليك ولا يشعر بإنطفائك، بل ويلومك فيما بعد عليه.