في عالم يحاول فيه الكثيرون استعادة نوم هادئ بعيدا عن أدوية وأعشاب النوم المعتادة، تبرز رياضة “تاي تشي” كخيار مفاجئ وواعد، لكونها من أكثر الممارسات الشرقية هدوءا.
دراسة جديدة نشرتها المجلة الطبية البريطانية “بي إم جيه” (BMJ)، أشارت إلى أن هذه الرياضة -المعروفة بحركاتها البطيئة والمتناغمة- يمكن أن تكون فعّالة بقدر العلاج السلوكي المعرفي، بل وربما أفضل على المدى الطويل، في مساعدة من يعانون من الأرق المزمن.
تاي تشي.. بديل ناعم لعلاج الأرق
الإرشادات الطبية عادة ما توصي بالتعامل مع مسببات الأرق مثل القلق، إضافة إلى علاجات قصيرة المدى كالأدوية المنوّمة، أو العلاج السلوكي المعرفي في الحالات الأصعب. لكن الدراسة الجديدة فتحت الباب أمام مقاربة مختلفة وأكثر لطفا: الجسد الهادئ يمكن أن يُعيد تدريب العقل على النوم.
شارك في الدراسة 200 شخص تبلغ أعمارهم 50 عاما فأكثر، جميعهم يعانون من أرق مزمن لكن دون أي مشكلات صحية أخرى يمكن أن تؤثر على النوم. ولم يكن أي منهم يمارس تمارين عضلية ذهنية بانتظام، ولم يتلقّوا العلاج السلوكي المعرفي سابقا، كما لم يعملوا بنظام المناوبات الليلية.
تم تقسيم المشاركين إلى مجموعتين: مجموعة مارست تاي تشي، ومجموعة تلقت العلاج السلوكي المعرفي، وخضع الجميع لجلسات مدة كل منها ساعة، مرتين أسبوعيا، بإجمالي 24 جلسة.
وخلال التجربة، سجّل المشاركون شدة أعراضهم: صعوبات البدء في النوم، الاستيقاظ المتكرر، الاستيقاظ المبكر، وتأثير هذه المشاكل على نشاطهم اليومي.
نتائج مفاجأة للدراسة!
بعد 3 أشهر، تحسّنت أعراض مجموعة العلاج السلوكي المعرفي أكثر من مجموعة التاي تشي.
لكن الصورة تغيّرت تماما على المدى الطويل؛ فبعد 15 شهرا من بداية التجربة: أصبح تأثير تاي تشي مماثلا للعلاج السلوكي المعرفي، بل تفوّق عليه بشكل طفيف في بعض المعايير.
كما سجل الباحثون: نتائج متقاربة بين الطريقتين في جودة الحياة، وتحسّن في الصحة النفسية، وزيادة في مستوى النشاط البدني.
لماذا يكافح التاي تشي الأرق؟
لأن التاي تشي:
- يخفّض التوتر العضلي والعصبي.
- يعيد تنظيم التنفس.
- يحفّز الإحساس بالهدوء قبل النوم.
- يعزز الاتصال بين الحركة والإحساس بالجسد.
- يساعد على ضبط إيقاع النوم بشكل تدريجي.
ورغم أن الباحثين أشاروا إلى احتمال أن بعض المشاركين واصلوا التاي تشي بعد انتهاء الأشهر الثلاثة الأولى -مما قد يكون أثّر على نتائج المتابعة- فإن الخلاصة كانت واضحة، “تشير نتائجنا إلى أن التاي تشي يمكن أن تؤدي إلى تحسّن كبير في شدة الأرق بعد تدخّل يستمر 3 أشهر، كما أن فعاليته على المدى البعيد لا تقل عن فعالية العلاج السلوكي المعرفي، الذي يُعد المعيار الذهبي لعلاج الأرق المزمن”.
تحليل وتفاصيل إضافية
تلقي الدراسة المنشورة في BMJ الضوء على رياضة تاي تشي كبديل واعد للعلاج السلوكي المعرفي في معالجة الأرق المزمن. أهمية الدراسة تكمن في إثبات فعالية التاي تشي على المدى الطويل، مما يجعلها خيارًا جذابًا للأفراد الذين يبحثون عن حلول مستدامة وغير دوائية. تشير النتائج إلى أن التاي تشي لا تعالج أعراض الأرق فحسب، بل تعمل أيضًا على تحسين الصحة النفسية وجودة الحياة بشكل عام. آلية عمل التاي تشي في مكافحة الأرق ترتبط بقدرتها على تخفيف التوتر العضلي والعصبي، وتنظيم التنفس، وتعزيز الوعي الجسدي. ومع ذلك، يجب الأخذ في الاعتبار أن الدراسة أشارت إلى احتمال استمرار بعض المشاركين في ممارسة التاي تشي بعد انتهاء التجربة، مما قد يكون أثر على النتائج النهائية.
أسئلة شائعة حول رياضة تاي تشي
ما هي رياضة تاي تشي وكيف تساعد على النوم؟
ما هي نتائج الدراسات حول فعالية تاي تشي في علاج الأرق؟
كم مرة يجب ممارسة تاي تشي لتحسين النوم؟
هل تاي تشي مناسبة للجميع؟
ما هي المزايا الأخرى لتاي تشي بالإضافة إلى تحسين النوم؟
هل يمكن ممارسة تاي تشي في المنزل؟
📌 اقرأ أيضًا
- ليس صيحة جديدة.. “الحليب النباتي” حاضر منذ آلاف السنين
- كيف تحول الموسيقى والفن إلى علاج لتعزيز الصحة النفسية في العراق؟
- كيف تتصرف عند اشتعال سيارتك؟ دليلك للنجاة من أخطر السيناريوهات
- الزرشك نكهة لاذعة وفوائد مذهلة.. كنز أحمر في مطبخك
- فلسفة التسعينيات تعود عبر تيك توك.. لماذا يثير “الأكل الإدراكي” جدلا؟
